قبل ثورة العلم، كان القمر مجرد كوكب مضىء وتعبير جمالى يستخدمه الشعراء والعاشقون وأدباء الرعب والمستذئبون، وكان خسوفه ظاهرة غامضة يقابلها المؤمنون بالصلاة والدعاء لكى لا يلقى البشر نفس المصير حين تداهمهم الحقيقة الساطعة بالموت أو انتهاء الكون، ومن نكات الزمن أن يُبطئ الشعر بينما العلم يتقدم سريعًا حتى زار البشر سطح القمر، ودرسوه بالتليسكوب هلالًا وبدرًا وكتلة ظلام أخجلتها سطوة الشمس فانخسفت، أو شاهدوه مكتملًا فى عيون الحبيبات قبل اختراع العدسات اللاصقة وألاعيب الإنترنت، ولم يترك العلم حجرًا على هذا التابع إلا ودحرجه ونبش تاريخه حتى إن أحدث الدراسات العلمية قالت إن الحياة كانت ممكنة على ظهره منذ بلايين السنين، لكن خبرات الحياة أيضًا تقول إن قلوب البشر تشبه الأقمار فى دورتها، بعضها مزدهر ينشر الضياء والبهجة ويرفض الخسوف، وبعضها الآخر مظلم كالقبور لا يحتملها الأحياء لدقائق، ويسكنها الموت والوحدة والأفكار البالية.