المناسبة: صدور قرار تشكيل بيت العائلة وبعد مرور هذه الأعوام على بدء عمله الذى انتشر فى ربوع مصر بل وخارجها أيضا، أستأذن فى وقفة قصيرة لتقييم هذا العمل العظيم ذى الجهد الجبار بإمكانياته الضخمة وميزانية كبيرة تتناسب مع الكم الهائل من رجال الدين الإسلامى والمسيحى، حيث يتم عقد مؤتمرات ولقاءات للجانبين بمختلف المحافظات فى دورات تثقيفية تشمل محاضرات أكاديمية، ثم نجد فى بعض اللقاءات تجربة رائعة للإقامة المشتركة بين رجال الدين فى حجرات تجمعهم معا وعلى مائدة طعام واحدة أيضا.
الحالة: كل هذا جميل جدا ورائع ولكن.. مصر يا سادتى وأبائى العظام تعانى من نيران طائفية خامدة أسفل الرماد، وهى منتشرة فى العديد من المدن والقرى والأحياء بمصرنا الحبيبة وجاهزة للاشتعال الفورى، عقب ظهور بادرة فتنة طائفية، حتى لو مجرد شائعة مغرضة أو حادث عرضى، فنجد نيران الفتنة تشتعل فورا وتنفجر بسرعات متلاحقة، وكالعادة يسرع رجال الدين عامة بالتدخل خاصة أفراد بيت العائلة- إن وجد- ليرتفع فورا شعارنا الأزلى عاش الهلال مع الصليب، ونجد الشيخ والكاهن متشابكى الأيادى وتملأ صورهم صفحات الجرائد، وفى معظم الحالات نجد الخسائر والإصابات البشرية التى تصل لسقوط جرحى وقتلى.
المطلوب: الاهتمام بالجانب الوقائى فورا بسرعة الانتشار ووجود رجال الدين بمناطقهم بالمدن والقرى لعقد لقاءات مستمرة ودائمة، وإتاحة الفرصة لمناقشات حرة صريحة مع الشباب، وطرح القضايا الطائفية بمصداقية وبحكمة أيضا، وعدم اتباع سياسة دفن الرؤوس فى الرمال، فما المانع على سبيل المثال من مناقشة الارتباط العاطفى بين شاب وفتاة مختلفى الديانة؟ ومثلها الخلافات المادية بين شركاء العمل التجارى؟ وكذلك الحوادث التى يلخصها المثل العامى الشهير «يعملوها الصغار ويسقط فيها الكبار» والعبث الصبيانى- البرىء غالبا- بالشارع المصرى، وكجانب وقائى أتذكر منذ أعوام قدمت سيناريو فيلم درامى قصير للمستشار المرحوم محمود عزب، مستشار شيخ الأزهر السابق، والفيلم يعالج سلبيات الفتنة الطائفية، ورشح سيادته الأستاذ محمد متولى لإخراج الفيلم، وتوقفت خطوات إنتاج الفيلم لوفاة المستشار عزب، فلماذا لا نهتم بهذا الجانب الوقائى الرائع للمساهمة فى نشر الوعى الدينى بين أفراد شعبنا الأصيل؟
ولعل دراستنا لواقع الشعب المصرى تصل بنا إلى حقيقة مدهشة لطباع شعبنا وهى متكررة وستكرر أيضا، ألا وهى شكوى المسيحيين بقرية صغيرة أو أحد الأحياء النائية لعدم وجود كنيسة لممارسة شعائر الصلاة، ثم يسرع البعض بإعداد قاعة أو مكان يخصص للاجتماع والصلاة، ويسرع الخبثاء من دعاة الفتنة بإثارة صغار النفوس من الشباب لتحطيم القاعة وتبدأ الخسائر بالجانبين.. واسمحوا لى بالانتقال للصورة البديلة الإيجابية، وهى عندما يتقدم المسيحيين بطلب إنشاء كنيسة وبالصراحة المطلوبة والواقعية، نجد عامل الوقت لا يهم إطلاقا المسؤولون، رغم صدور القوانين والتعليمات والتوجيهات من الجهات العليا، ما علينا، عندما يصدر الترخيص ببناء الكنيسة، ويتم نشر القرار بلافتة إعلانية برقم الترخيص والقرار الجمهورى، ويتم استلام الأرض المخصصة، فإذا بالمفاجأة التى هى حقيقة واقعية لشعبنا المصرى، فنجد الإخوة المسلمين فى مقدمة الصفوف للمساعدة فى بناء الكنيسة، سواء بالعمالة أو التمويل والتبرعات.
والحل: هو صدور قرار الترخيص ببناء الكنيسة فى أسرع وقت، ويتم الإعلان عنه فى الحى أو القرية مع تسليم الأرض لرجال الدين المسيحيين، وإنشاء قاعة مؤقتة عبارة عن جمالون حديدى وسواتر من المبانى الخفيفة دون أساسات أو خرسانات مسلحة، وتقام بها الصلوات فورا لحين الانتهاء من استكمال التراخيص العديدة والموافقات الروتينية، والإهمال والتراخى- عمدا أو جهلا- من صغار الموظفين.