مكارم الأخلاق (٥) .. " إكرام المرأة "

و بقول النبى صلى الله عليه و سلم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " نبدأ مقال اليوم عن قيمة أخلاقية جديدة غاية فى الأهمية نظراً لكونها تخص نصف المجتمع ( المرأة) التى أن صحت مادياً و معنوياً و تحررت من أغلالها وعوملت المعاملة التى تليق بها كما أمر الله' صلح المجتمع و استقام و اعتدلت كفتى الميزان بين نصفيه . فالمرأة هى الأم و الزوجة التى تعد عماد الأسرة و رمانة الميزان بها ، و التى تجاهد بحق من أجل الحفاظ على هذه الأسرة و بقائها و تبذل ما بوسعا و ما يفوق طاقتها للم شملها حتى و إن كان الزوج غير مبالى ! غير أن قدرة المرأة على التحمل كبيرة جداً وعظيمة ، فما تبذله النساء من مجهودات وما تتحمله من أعباء لا يقل عن جهاد الجنود على جبهات القتال فى الحروب الكبرى . وقد أمر المولى عز وجل بتكريم المرأة وإنصافها و تقديرها و الرفق بها و حسن معاملتها و حذر من ظلمها و قهرها و إهمالها و زجرها دون وجه حق . فكيف لنا أعزائى أن يتعسنا الحظ بالحياة فى مجتمعات ذكورية تدعى كذباً المساواة و الإعتدال و تقدير النساء و منحهن كافة حقوقهن دون ظلمهن و النيل من كرامتهن و كبريائهن ووأد عبقرياتهن و التقليل المتعمد من شئونهن ؟ وكما ذكرت فى سلسلة المقالات السابقة عن الأخلاق و فضائلها و مكارمها ؛ أن نشأتها تزامنت مع بداية استقرار الإنسان و تعامله مع الآخرين حيث كانت الأخلاق هى المنظم الرئيسى لتلك العلاقات بين البشر . و كما نعرف أيضاً أن المصريين القدماء هم أول من عرف الضمير و القيم و الأخلاقيات و الفضائل لتنتقل بعد ذلك إلى جميع بنو البشر من قبل الأديان السماوية بزمنٍ كبير ، و فيما يخص المرأة و علو قدرها لدى أجدادنا العظماء فى العصور الفرعونية الكثير و الكثير و هناك العديد من الأمثلة كما هو الآتى : فقد نصح حكيم يدعى "آني" ، الرجال بما يلي: " لا تكن رئيسا متحكما لزوجتك فى منزلها ، إذا كنت تعرف أنها ممتازة؛ فهى سعيدة وأنت تشد أزرها، ويدك مع يدها. ويصف آنى فى موقع آخر ، كيف يجب أن يتعامل الرجل مع أمه، فيقول: "ضاعف الخبز الذى تقدمه لأمك ، وإحملها مثلما حملتك" . كما قال الرحالة اليونانى "ماكس ملر" :ليس ثمة شعب قديم أو حديث قد رفع منزلة المرأة مثل ما رفعها سكان وادى النيل". فالنقوش تصور النساء يأكلن ويشربن بين الناس ، ويقضين ما يحتجنه من المهام فى الشوارع من غير رقيب عليهن ولا سلاح بأيديهن ، ويمارسن الأعمال الصناعية والتجارية بكامل حريتهن. و هذا ما أدهش الرحالة اليوناني- فقد إعتادوا أن يحرموا نسائهم السليطات من مثل هذه الحرية ، و لذلك أخذوا يسخرون من الأزواج المصريين الذين تتحكم فيهم زوجاتهم. . ويقول "ديودور الصقلي". . - ولعله يهدف بقوله هذا إلى السخرية من المصريين أيضاً - إن طاعة الزوج لزوجته فى وادى النيل كانت من الشروط التى تنص عليها عقود الزواج ، فى حين يُعد شرط لا ضرورة للنص عليه فى أكبر دولة تدافع عن الحريات فى العالم مثل أمريكا! وكان النساء يمتلكن ويورثن ، كما تشهد بذلك وثيقة من أقدم الوثائق فى التاريخ ، وهى وصية من عهد الأسرة الثالثة توصى فيها السيدة" نب سنت" بأرضها لأبنائها . ثم جاء الإسلام ليكرم المرأة أعظم تكريم و يُعلى من قدرها و يوصى الرجال بالإحسان الشديد إليها ليؤكد و يشرع سنن أجدادنا المصريين القدماء . فقد قال تعالى فى كتابه العزيز فيما يخص المرأة : -: (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِى عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِى وَلِوَالِدَيْكَ إِلَى الْمَصِيرُ (14)) لقمان وقال: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (58)) الأحزاب. وقال: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)) الروم. وإذ بنا كمجتمع شرقى و لأسباب غير منطقية نضرب بكل ما علمناه عن تاريخنا العظيم و ما أمرنا به ديننا عرض الحائط فيما يخص النساء لنختار لأنفسنا ما هو أدنى و ننتهج منهج الوهابية الدخيلة على ديننا ومجتمعاتنا ونصل إلى مراحل غير آدمية فى كثير من الأحيان من حيث التقليل من شأن النساء والنظرة الغير عادلةلهن فى كل شئ و تفضيل الذكور على كما كان فى عصور الجاهلية فى أرضٍ غير أرضنا نزل بها الإسلام ليطهرها من شرورها و لكننا بفعل فاعلٍ خبيث قد تسللت إلينا تلك الأفكار السامة لتصيب مجتمعاتنا فى مقتل و تنشر به أفكار و توجهات لا تليق بنا ! فعلى الرغم من حصول المرأة على كافة حقوقها فى التعليم وتقلدها المناصب الكبيرة إلى أن تولت حقائب وزارية بعدد أكبر مما كان سابقاً ، و فوزها بمقاعد أكثر نسبياً فى مجلس النواب وتحررها إلى حدٍ كبير ظاهرياً ، إلا أن النظرة العميقة إلى المرأة ما زالت ناقصة يشوبها التقليل منها وإن كان ذلك ضمناً ! ألم يكن رسول الله صلى الله عليه و سلم يساعد زوجاته فى أعمال المنزل ويرفق بهن ولا يكلفهن ما ليس لهن به طاقة و يفرض لهن أجراً مقابل ما يقدمنه من خدمات له و لأبنائهن ؟ فى حين نعيش زمناً يضرب فيه الزوج زوجته بكل قسوة ويهينها إن قصرت فى أداء مهامها اليومية التى لا حصر لها حتى وإن كانت لا تقو صحياً على القيام بها و بكل ما يثقل كاهلها من أعباء ! وإن مرضت وطال مرضها وأصبحت غير قادرة ، سرعان ما يعتبرها الزوج بلا فائدة فيتركها تواجه بمفردها تَحَوُل الحياة ليبحث عن أخرى تمنحه ما ينتظره من خدمات لا تنتهى و كأنه فرضْ وواجب شرّعَهُ و فعّلَه و أقرّه دون أى أساس يستند عليه ! فيا معشر الرجال : إتقوا الله فى نسائكم و عودوا إلى تاريخكم العريق و دينكم الكريم و أخلاقياتكم الأصيلة و قيمكم النبيلة التى تلاشت تحت أنقاض عادات و سلوكيات و أخلاقيات غريبة دخيلة علينا و على مجتمعنا و لا تليق بنا كمصريين ننحدر من أعظم و أعرق الحضارات الإنسانية و فجر ضميرها الذى أضاء للدنيا كلهامصابيح الخُلُق و الدين و الرقى و التقدم فى كل شئ . و خير ختام لمقال اليوم كما هى العادة كلمات النبى الكريم صلوات الله و سلامه عليه فيما يخص إكرام المرأة : عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ((من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فإذا شهد أمرا فليتكلم بخيرا أو ليسكت واستوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضِلَع وإن أعوجَ شيءٍ فى الضلع أعلاه . إن ذهبتَ تقيمه كسرتَهُ وكسرها طلاقها وإن تركته لم يزل أعوج . استوصوا بالنساءِ خيراً)) متفق عليه . وقال صلى الله عليه وسلم ((خيركم خيركم لأهله)) . وأنا خيركم لأهلى ما أكرم النساء إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم ) رواه ابن عساكر . ورمز السيوطى فى الجامع لصحته . و قال صلى الله عليه وسلم :(استوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم، إن لكم عليهن حقا، ولهن عليكم حقا) و فى خطبة الوداع قال صلى الله عليه وسلم : ( فأتقوا الله فى النساء , فإنكم أخذتموهنّ بأمان الله , واستحللتم فروجهن بكلمة الله ) رواه مسلم وإلى لقاء مع فضيلة أخلاقية جديدة من مكارم الأخلاق .



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;