اسم برنامج كانت تقدمه المذيعة لميس الحديدى، وكان ضيفه الأساسى والوحيد المرحوم الأستاذ محمد حسنين هيكل، وكان الأستاذ يتحدث عن مصر أين تقف الآن، وكيف ستسير إلى المستقبل.
تحليل للمواقف السياسية الراهنة لمصر، واستخراج معطيات منها للواقع وتطلعات المستقبل، وكنت أتمنى أن يكون بيننا الآن، سواء اتفقنا أو اختلفنا مع رؤيته، ولكن تحليله السياسى بالتأكيد كان سيفيد فى رؤية أفضل للمشهد.
فأقف الآن مندهشة من مواقف وقرارات غريبة تتخذها مصر الآن، لا أدرك مغزاها، ولا أتفهم إلى أين ستأخذنا.
فكنت منذ البداية ضد تعيين المستشار أحمد الزند وزيرًا للعدل، وذلك لمواقفه وتصريحاته التى كنت أراها بعيدة كل البعد عن قيم العدالة والمساواة وإرساء دولة القانون، ولكن رفضى له لم يمنعنى أن أقف لأتساءل: هل عزله من منصبه فى هذا التوقيت بسبب مجمل أعماله وتصريحاته ولقاءاته طوال فترة توليه المنصب، أم هو نتيجة لزلة اللسان الأخيرة التى أصر أن أصفها بهذا الوصف رغم خلافى معه ومعها، ورغم تفهمى أنه فى منصب لا يسمح له بمثل هذه الزلة؟
إذا كان عزله بسبب مجمل أعماله فالتوقيت والطريقة خطأ، أما إذا كان عزله بسبب زلة اللسان، فأتعجب أن نتجاهل انتهاكه الدستور، وقيم العدالة، ونعزله بسبب زلة لسان اعتذر عنها، وأكرر أن هذا ليس دفاعًا عن شخص، ولكن إرساء لآليات ومناخ عادل للكل، فأنا سعدت برحيله، ولكن لم أسعد بالطريقة والأسباب وانعدام الشفافية المطلقة من الحكومة تجاه عزله.
ومن زاوية أخرى، لابد أن نواجه أنفسنا عند تعريف تهمة ازدراء الأديان وعقوبتها! هل عقوبتها الحبس للمواطن العادى، والعزل للمسؤول الحكومى من منصبه، أم ماذا؟! لأن ما يحدث ليس عدلًا، ووجود تهمة بهذا المسمى فى هذا الزمن هو غير المنطقى، وغير القابل للتطبيق العادل، فالأفضل النظر بطريقة أشمل وأوسع لمثل هذه التهم من ازدراء أديان، وخدش الحياء العام، وإلغاء أى عقوبات مقيدة للحريات طبقًا للدستور الحالى.
مصر أين وإلى أين؟.. فى ردها على توصيات وقرارات البرلمان الأوروبى.. حقوق الإنسان لم تعد تقتصر على دولة بعينها، ولم يصبح تعليق دولة على دولة أخرى فيما يتعلق بانتهاك حقوق الإنسان والحريات تدخلًا فى الشأن الداخلى، وهناك ما هو صحيح فيما ذكره البرلمان الأوروبى من انتهاكات- للأسف- مازالت تمارس، كان ولابد أن نرد عليها بأسلوب أكثر جدية، ونتعهد ببحثها والنظر فيها وإصلاحها، ونرفض ما يتعلق بالمقايضة، فسأظل أرفض ربط الإصلاحات فى مجال حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية بالمساعدات التى تقدم لمصر، فنحن مازلنا نواجه إرهابًا داخليًا نحتاج فيه كل الدعم لمواجهته واجتثاثه من جذوره.
واندهاشى الأخير فى هذا المقال يتمحور حول امتناع مصر عن التصويت على قرار مجلس الأمن بشأن الاعتداء الجنسى من قبل قوات الأمم المتحدة، فقد أقر القرار 14 صوتًا ممثلًا فى 14 دولة، وامتناع عضو واحد وهو مصر عن التصويت بعد رفض المجلس تعديلًا.
الصراحة لا أتفهم امتناع مصر عن التصويت بعد موافقة 14 دولة، ولا أتفهم الأسباب التى قالها المتحدث الرسمى لوزارة الخارجية عن العقاب الجماعى بدل الفردى، ولا أراه مبررًا كافيًا لأن تظهر مصر أمام العالم والأمم المتحدة موقف الممتنع عن التصويت فى قرار بشان الاعتداء الجنسى من قبل قوات الأمم المتحدة، ولا أقبل أعذارًا فى قرار يسىء لسمعة مصر أكثر كثيرًا من التمسك بتعديل تم رفضه بشكل جماعى فى الأمم المتحدة!