تحت رعاية كريمة من الرئيس عبدالفتاح السيسى، وبإشراف السيدة الفاضلة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة المصرية، تستضيف مصر يوم الأحد المقبل، 14 أكتوبر، مؤتمر وزراء الثقافة العرب، وقد اختير لهذا المؤتمر عنوان شامل هو «المشروع الثقافى العربى أمام التحديات الراهنة»، وفى الحقيقة فإنى أرى أنه من الواجب أن يتم استغلال هذه المناسبة لإحداث تغيير ثقافى عربى حقيقى، فنحن بحاجة ماسة إلى تجديد دماء الثقافة العربية، وتدعيم هوية الشعوب العربية بما يتلاءم مع الشخصية العربية الحديثة التى تتصل ببعضها البعض عن طريق الفيس تايم، بينما تخاطبها الحكومات عن طريق دروب الإبل ومدقات الأودية.
لابد أن يوقن الجميع هنا أن مصيرنا رهن هويتنا، وأن العمل الثقافى العربى لم يعد رفاهية، كما يجب أن يوقن الجميع أن زراعة الثقافة فى عقول أبنائنا تغنينا عن اقتلاع الإرهاب من دولنا، كما توفر علينا ما لا يمكن تخيله من موارد وإنفاقات على العديد من الأشياء الأخرى، فبناء الإنسان بكل ما تعنيه كلمة إنسان كفيل بأن يصون للوطن شخصيته وموارده ومستقبله وماضيه، ولهذا فإنى أرجو أن يخرج هذا المؤتمر بالصورة الأمثل، كما أرجو أن يتحول هذا المؤتمر إلى نقطة انطلاق نحو إصلاح ثقافى عربى حقيقى.
أول ما أرجوه هو أن يحاول العرب جماعة فعل ما لم يستطيعوا أن يفعلوه أفرادًا، ولعل أول ما يجب أن نتعاون عليه فى هذا الأمر هو الإنتاج السينمائى، فنحن بحاجة ماسة إلى إنتاج العديد من الأفلام التاريخية التى تتناول الحق التاريخية المهمة، لكننا للأسف لا نبادر بهذه المبادرات لأن كل دولة بمفردها لا تستطيع تحمل إنجاز هذه المهمة، ولهذا يجب على وزراء الثقافة العرب أن يؤسسوا مؤسسة معنية بالسينما والمسرح، لتتكفل بإنتاج المشروعات الفنية الكبرى، كما تتكفل بجمع وتوثيق التراث السينمائى العربى، ولا مانع أيضًا من أن تقيم الدورات التدريبية على يد كبار مخرجى العالم وأهم صناع السينما لشباب السينمائيين، وبهذا نكون قد ضربنا عشرات العصافير بحجر واحد.
ثانى ما أرجوه هو عمل اتفاقية لحرية تبادل حقوق نشر الكتب المترجمة، وهو اقتراح سبق وأشرت إليه فى مقال عن سبل تطوير هيئة الكتاب، فمصر تنتج مئات الكتب المترجمة المهمة، وكذلك لبنان، وكذلك المغرب العربى والعراق والخليج، لكن للأسف يحرم جمهور الكتاب فى العالم العربى من هذه الكنوز المخفية لصعوبة التواصل وغلاء سعر الشحن والنقل، فلماذا لا يوقع وزراء الثقافة العرب اتفاقًا لتبادل حقوق نشر الكتب المترجمة ويطبعها كل بلد بالشكل الذى يريد بأسعار أرخص؟