فوضى بلا ترخيص..
أكثر من عشر سنوات وثلاثة دساتير وقوانين، وتحولات وتغيرات، وحكومات، وبقى على حاله، يبدو مستعصيا على الحل تتضاعف مشكلاته وتقف الحكومات أمامه عاجزة. يستمر متحديا لكل القوانين والأعراف بلا هوية، تحت سيطرة أطفال أو رجال، يقطع الطرقات ويتحول من وسيلة نقل إلى جريمة، أحيانا ومن وسيلة نقل إلى طرق تعذيب، ومن «أكل العيش» إلى تنغيص «عيش الآخرين». تسمح الحكومة باستيراده وترفض ترخيصه، ترفض تنظيمه، ليتحول إلى فوضى على الطرقات. إنه «التوك توك» المركبة الهجين بين الموتوسيكل والسيارة الصغيرة والذى تم إنتاجه فى الهند، وأصبح وسيلة سياحية فى بعض الدول ووسيلة نقل فى أخرى، وعندنا وسيلة تنغيص.
منذ التسعينيات تدفق التوك توك وبمعرفة الحكومة والحزب الوطنى، وربح من ورائه المستوردون ملايين وبدأ البعض يشتريه ليأكل العيش، تضاعف تدفق التكاتك، ودفنت الحكومة وقتها الرؤوس فى الرمال، وسعت إلى تحجيمه وقصر استخدامه على الشوارع الجانبية، ومع ذلك رفضوا ترخيصه. بعد 2011 انطلقت التكاتك فى الشوارع السريعة وكل الطرقات، وبعضها يقوده أطفال أقل من العاشرة، وساهم فى ذلك أنه لا قانون يسمح بترخيصه، وبالرغم من تكرار الجرائم التى ترتكب ويكون التوك توك طرفا فيها لم تفكر أى حكومة فى ترخيصه ووضع قانون ينظمه، ليكون له رقم ورخصة ويمنع المراهقين والأطفال والمسجلين من توظيفه فى الجرائم.
النتيجة الآن أن «التوك توك» مشكلة فى مناطق كثيرة، يسير بلا قواعد يصدم من يصدم ويستغل من يستغل، ويطغى الخارجون والبلطجية على المحترمين وأصحاب أكل العيش. هناك حصار لمحطات مترو، وضحايا يوميا على الطرق الزراعية والصحراوية والسريعة، والسبب أنه لا قانون ولا تنظيم لهذا الكائن الذى أصبح رمزا للعشوائية، بل أصبح وسيلة فساد للمحليات، حيث يدفعون إتاوات ليعملوا وبدلا من أن يدفعوا للدولة يدفعون أضعافا للفاسدين.
الحكومة الحالية والسابقة والأسبق، تمارس التجاهل ودفن الرؤوس فى الرمال، لا تواجه مشكلة التوك توك، ولا تسمح بترخيصه، والنتيجة وضع عرفى واستثنائى، واستمرار لمركبات مخالفة غير مرخصة، لا يمكن محاسبتها على قتل أو صدم، أو استخدامها فى السرقة والخطف، وأى نوع من الجرائم. ولا يوجد قانون للأجرة أو المسافة أو خطوط السير، ولا أرقام يمكن منها التعرف على هوية المركبة وسائقها. بعضها تسير كالصراصير على الطرقات فوق أى قانون أو دستور.
ولا يتوقع أن تتخذ الحكومة الحالية أى موقف وقد صمتت عن تنظيمه، ولا نظن أن مجلس النواب هو الآخر سيجد الوقت لمناقشة وتقنين وضع التوك توك فى إطار من القانون والدستور، لأنه مشغول بالاستعراضات والمميزات والإجازات. ولن يجد وقتا للتوك توك الذى يمكن أن يتحول من وسيلة قتل إلى وسيلة نقل، فقط يحتاج إلى قانون.