«يا رايح كتر الفضايح».. كان حديث الرئيس الأمريكى أوباما لمجلة «أتلانتك» منذ عدة أيام فضيحة مدوية، حيث اعترف بأن التحالف الغربى غزا ليبيا وقتل القذافى بمعلومات استخباراتية مفبركة، تزعم تجهيز العقيد مذبحة لمعارضيه فى بنغازى، ثم تبين أنها معلومات غير صحيحة.. وكاد أوباما يتباكى على القذافى وهو يقول «أخطأنا فى قتله»، وهكذا تدمر أمريكا الدول وتقتل الشعوب بمعلومات غير صحيحة، وفعلت ذلك مع العراق بذريعة امتلاك صدام للكيماوى والنووى، وتأكد للمخابرات الأمريكية بعد غزو بغداد وتدمير العراق أنها معلومات كاذبة، وخرج القاتل بوش الابن على الرأى العام بأغرب تصريح، قائلا «حتى لو كنت أعلم أن العراق لا يمتلك أسلحة نووية كنت سأغزوه».
أوباما أسوأ من بوش الابن، وبعد أن أضاعوا ليبيا لا يعرفون ماذا يفعلون، بعد أن توطنت داعش فى سيرت، التى تعتبر شرفة على جنوب أوروبا، وتستطيع أن تصل إليها بالمراكب، ويفضح أوباما الرئيس الفرنسى السابق ساركوزى، متهما إياه بأنه كان يبحث عن «شو» إعلامى، وزعم أن القوات الفرنسية هى التى قامت بالغارات الجوية، ولكن الذى قام بها هو سلاح الجو الأمريكى، أما رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون فقد كان شارد الذهن وفى حالة سرحان.
أما هجوم أوباما الأكبر فقد كان على السعودية، على طريقة من يبيع شركاءه، فقد زعم أن الإسلام فى إندونيسيا انتقل من الاعتدال إلى التطرف بعد أن صب السعوديون والخليجيون أموالهم، وقال ببجاحة «فى التسعينيات مول السعوديون بكثافة مدراس وهابية بإندونيسيا تدرس الصيغة المتطرفة»، واتهم الخليجيين بأنهم لا مقدرة لديهم على الفوز بحسم وحدهم، مما يعنى: «أنه علينا أن نتدخل عسكريا لتسوية الحسابات، وهذا لن يكون فى مصلحة أمريكا»، و«لا يمكن لدولة أن تعمل فى العالم الحديث عندما تستمر فى اضطهاد نصف شعبها وهى المرأة».
أوباما على كرسى الاعتراف يكشف حقيقة الرئيس التركى أردوغان بعبارة «خيب أملى فيه وأراه مستبدا وفاشلا، وكنت أتعشم أن يقود الإسلام المعتدل فى المنطقة»، ويستمر فى خزعبلاته: «الشرق الأوسط لم يعد يصدر النفط فقط بل الإرهاب ولن ننجر لحروبهم الطائفية، ولن نتدخل عسكرياً فى المنطقة».
هذه هى أمريكا يا عرب التى اعتبرناها الحليف والصديق، سلمناها بأيدينا مقاليد الأمور، فأشعلت الفتن وأيقظت أشباح الماضى ليدمروا المستقبل، وجاءت بنظرية الفوضى الخلاقة أو «الفناء الذاتى»، وسلمت أربع عواصم عربية للشيطان، وبعد خراب مالطة يقرر أوباما أن أمريكا ستنسحب من الشرق الأوسط، وتركز على آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية حيث المستقبل.
نسى أوباما أن العلاقات السعودية الأمريكية عمرها ثمانون عاما، وأنها تعانى من توابع الإرهاب مثل غيرها من دول الشرق الأوسط، ومن توابع الجحيم العربى الذى جاءت به أمريكا على أجنحة الفوضى الخلاقة، وتتواطأ مع إيران وتسمح لها بامتلاك قدرات نووية، وتمنحها العراق على طبق من ذهب، وتغض الطرف عن مؤامرات إيران والحوثيين فى اليمن، وتريد أن تنصب طهران قوة إقليمية كبرى فى المنطقة، رغم تهديدها لأمن دول الخليج وعربدتها فى الخليج العربى، وقبل ذلك بسنوات كانت إيران هى الشيطان الأكبر، وكانت واشنطن تجهز آلتها العسكرية لضرب إيران ودك مفاعلاتها النووية، فلماذا يتحالف أوباما فى أيامه الأخيرة مع من كان يعتبره الشيطان الأكبر؟.
خُدعنا فى أوباما عندما جاء إلى جامعة القاهرة وذهب إلى مسجد السلطان حسن وزار الرياض، وألقى خطبا مزيفة يتمسح فيها بالإسلام والمسلمين، وهللنا له وكبرنا ولكن بمرور الوقت تساقطت أقنعة الزيف والخداع، وطفحت الكراهية الكامنة فى أعماقه تجاه العرب والمسلمين، ولم يشأ أن يرحل عن البيت الأبيض مستترا بالصمت والمداهنة، وفضل أن يجلس على كرسى الاعتراف، ويكشف جرائم حقيقية ارتكبها بقلب ميت.