لا يسعنا الموقف إلا أن نرثى الشهيد البطل ساطع النعمانى، الذى انتقل إلى جوار ربه، بنفس راضية مرضية مطمئنة، الشهيد البطل ساطع النعمانى الذى كان يتمنى الشهادة، هو الذى خرج من مكتبه كمأمور لقسم بولاق الدكرور، ليدافع عن أهالى بين السرايات من رصاص الإرهابيين الغادر الذين كانوا معتصمين فى ميدان نهضة مصر بالجيزة، والذين كانوا جزءا من تنظيم الجماعة الإرهابية التى كانت تدعم المعزول محمد مرسى، وانتظرت خطابه الأخير الذى كان يردد فيه كلمة الشرعية أكثر من مرة، لتكون هذه الكلمة السر التى اتفقت عليها الجماعة الإرهابية لتخرج بسلاحها ترهب المصريين الذين انتفضوا لتحرير الوطن الحبيب من جماعات الظلام.
ولعل إعادة سرد الحقائق التى حكاها الشهيد العميد ساطع النعمانى عن تلك اللحظة تنشط ذاكرتنا، وتستحضر لحظات فارقة من عممر الوطن، وكما رواها البطل الشهيد ساطع النعمانى "حضر الضباط وأخبرونى بإطلاق الرصاص على أهالى بين السرايات من أعلى كوبرى ثروت، فأسرعت ومعى القوات، وبالفعل شاهدت قرابة خمسين شخصا يطلقون الرصاص بكثافة من بنادق آلية، وبعضهم يعتلى أسطح جامعة القاهرة، ربنا وفقنى إنى أبعد المواطنين عن مرمى النار، وفى أثناء وجودى فوجئت بطلقة تخترق وجهى".
رواية الشهيد البطل تكشف إلى أى درجة كان فدائيا لم يخشى رصاص الإرهاب فقد واجه خفافيش الظلام بوجه وصدر مكشوفين مؤمنا بقضاء الله وقدره، ولا يخشى الموت فى سبيل الله دفاعا عن أهله وأرضه.
أول رصاصة تلقاها الشهيد كانت فى وجهه، وظل يتلقى العلاج فى الخارج منذ أن تلقاها فى 2013، حتى انتقل إلى ربه منذ أيام قليلة، طول فترة علاجه عاد إلى الوطن العزيز الغالى وكرمه خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسى، وظهر فى لقاءات إعلامية بسيطة جدا، لكنه كان دائما يردد أن لديه سؤال يتردد دائما فى ذهنه "لماذا لم ينل الشهادة منذ اللحظة الأولى، وحكمة إرادة الله فى ذلك".
وبعد تفكير وتدبر كثير استقر إلى أن حكمة الله فى أن يظل على قيد الحياة، لكى يعود إلى أرض الوطن وليوصل رسالة الى كل مصرى شريف بأن الخطر لا يزال يحيط بنا وأن الله يحفظ مصر بأبنائها، وألا يغفلوا عن العمل للحفاظ على وطنهم: "أنا رجعت من الموت، والله وحده أعادنى إلى الحياة علشان أوصى المصريين على بلدهم، إن كنت فقدت بصرى فأنا لم أفقد بصيرتى والآن أرى بعيون المصريين وعيون زوجتى وطفلى الوحيد ياسين الذى أتمنى أن يعيش فى هذه الحياة وينعم بعد أن حاول الإرهابيون تعكير فرحة المصريين بثورتهم"، ومنها أيضا: "مش مصدق إنى رجعت مصر تانى وشفتها تانى أنا كنت شهيد لكن ربنا رجعنى للحياة".
هذه العبارات التى قالها الشهيد فى زيارته الأخيرة لوطنه العزيز الغالى أثناء رحلة علاجه، ليقول هذه الكلمات هى التى ستجعل الشهيد ساطع النعمانى يعيش بيننا وستظل ذكراه فى قلوب كل من خدم أرض وطنه بإخلاص وتفانى.
إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى.