عن الكذب

لا شك أن الإشكالية التى نعيشها حاليا فى العالم الإسلامى تعتمد فى أساسها على القراءة الخاطئة لمفاهيم الدين، ولاشك أيضا أننا نحن المسلمون من نسىء إلى أنفسنا، ونحن من تسبب فى تشويه سمعة المسلمين فى العالم، مفاهيم كثيرة مغلوطة وسلوكيات عدد ليس بالقليل من المسلمين فى العالم أصبحت بعيدة عن صحيح الدين، فليس ما يقوم به المسلمون حاليا هو تعبير صادق عن صحيح الإسلام، لدينا مشكلة فى تقديرنا واحترامنا للآخرين وإتقان العمل والصدق. هذه بالفعل حقيقة أزمة العالم الإسلامى ليس فى منطقاتنا العربية فقط بل فى أرجاء العالم أجمع، الواضح أنها ليست فقط أزمة لتجديد الخطاب الدينى والبحث عن خطاب مغاير وعلى الرغم من كونها أصبحت حاجة ملحة فى المرحلة الحالية، إلا أنها جزء من مشكلة كبيرة ترتبط بالمفاهيم الحياتية والتعليم ورفع الوعى والقدرة على الإدراك لحقائق الأمور بعيدا عن توجيه سهام التكفير أو الإرهاب لطرفى المعادلة. الحقيقة أن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى احتفالية المولد النبوى الشريف، عبرت بشكل دقيق عن أزمة العالم الإسلامى فى اللحظة الحالية، وعلى الرغم من أنها كلمة مقتضبة لكنها موحية ولها إشارات ودلالات كثيرة، أهمها ضرورة تغيير الخطاب الدينى، فالدين ملىء بعبارات ومواقف وأحاديث عن الرحمة والتسامح والعمل الجماعى واحترام الآخر وتقدير الاختلاف فى الدين والجنس والعرق، وهى مفاهيم علينا أن نركز عليها ونسعى لنشرها كبديل للتركيز على آليات وعبارات التهديد والتخويف وعذاب القبر والحرب والسبى واقتصار الجهاد فى سبيل الله على حمل السلاح فقط، وهو الخطاب الشعبوى الذى زاد انتشاره فى العقود الماضية، وأن نتاجه جماعات مثل الإخوان الإرهابية وتيارات منغلقة مثل السلفية، وجميعها تيارات تعتمد على مفاهيم مغلوطة أو منقوصة للدين، ولهم أتباع كثر بعضهم عاش ومات ولم يصل له اى فهم صحيح للدين على الإطلاق. هناك من يهاجمون أى من يتحدث عن إصلاح الخطاب الدينى وضرورة تغييره، ويصل البعض إلى تكفير ما يتجرأ فى الحديث على هذا الأمر، لكن الحقيقة أن هؤلاء لا يدافعون إلا عن خطأ شائع ومفهوم خاطئ للدين، ولا يدافعون عنه إلا لأنه منتشر فيظنون أن هذا صحيح الدين، فى حين أن نظرة متأملة بسيطة لما عليه حال المسلمين فى أى دول إسلامية، ولتكن مصر مثلا، هل أخلاق غالبية المسلمين فى الشارع المصرى تعبر عن صحيح الدين، هل أغلبهم يتقنون عملهم، يصدقون القول يحترم الآخر ويوقر الكبير ويحترم الضعيف. لو أن المفاهيم المنتشرة حاليا عن التدين فى جمهورية مصر العربية صحيحة لما كان المجتمع المصرى يعانى من الفساد ويعانى من مشكلات مثل التحرش والتحايل على القانون لتغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة. أعلم أن الأمر ليس بسيط وشائك، ولا يمكننا الارتكان فقط على المؤسسات الدينية الرسمية لإعادة بناء الشخصية المصرية من جديد فدور تلك المؤسسات هو جزء من كل، وعليها تربية جيل جديد من الدعاة، دعاة على قدر من العلم والمعرفة بأمور الاقتصاد والسياسة والاجتماع بنفس القدر الذى يعرفونه عن صحيح الدين، وكذلك فإن مؤسسات الدولة كافة، والمجتمع المدنى يتحمل مع المؤسسات الدينية بناء الشخصية المصرية.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;