قد يفاجأ البعض بأن جمهورية مصر العربية بها 27 مركزا لمكافحة التدخين موزعة على جميع محافظات الجمهورية، وأن هذه المراكز تابعة لوزارة الصحة. الكثير منا سيبتسم وهو يقرأ هذه المعلومة لأول مرة، وسيعتبره دعابة لأنه ببساطة شديدة التدخين منتشر في كافة أرجاء جمهورية مصر العربية وبكثافة وبأنواع مختلفة، وأنه لم يصادف أحد وجود اى نشاط لأي من المراكز الـ27 التابعة لوزارة الصحة. كما لم نشاهد أي حملات في التليفزيون او الصحف او الراديو تفيد بوجود مثل تلك المراكز. المفاجاة أن في وزارة الصحة هناك منصب يطلق عليه "مدير إدارة مكافحة التدخين بوزارة الصحة "، وأن هذه الإدارة لديها بالفعل أرقام عن هامة عن نسب التدخين في جمهورية مصر العربية، فمعدلات التدخين فى الدولة المصرية تعد الأعلى فى الشرق الأوسط والعالم وطبقا لبيانات وزارة الصحة ومراكز مكافحة إنتشار التبغ كما يسمونها في البيانات الرسمية، والتي تقوم بإجراء العديد من المسح لرصد نسب التدخين فى جمهورية مصر العربية لتقدير حجم المشكلة، وقياس عبء التدخين الصحي والمادي على الدولة، وكما أنه تقوم بإجراء مسح شامل عن تدخين الشيشة والسجائر الإلكترونية خاصة بين الشباب.
الإحصائيات تتحدث عن أن حوالى 22.8٪ من المصريين البالغين من مدخني التبغ، وما يقرب من نصف السكان البالغين يتعرضون للتدخين السلبى داخل المنازل (48.9٪)، وأكثر من الثلث (36.5٪) معرضون له فى أماكن العمل، كما أن أكثر أشكال تعاطي التبغ شيوعا بين مستخدمي التبغ الحاليين هى السجائر (82.7٪)، يليها الشيشة (19.9٪) من إجمالى عدد المدخنين، وذلك وفقاً لدراسة عوامل الخطورة للأمراض غير المعدية عامي 2016، 2017 . أزيدكم أن وزارة الصحة لديها خط ساخن (16805) للمساعدة فى الإقلاع عن التدخين، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، ويتلقى الخط الساخن من 600 الى 1000 مكالمة شهريا.
الحكومة من جانبها ترصد الأثر الاقتصادي للتدخين على الفرد والمجتمع، حيث يبلغ متوسط الإنفاق الشهري على السجائر المصنعة 410 جنيه بين البالغين أي بما يمثل حوالي 49.2٪ من الدخل السنوي للفرد، بينما ينفق طلاب الجامعات على تدخين منتجات التبغ بمتوسط 109.8جنيه شهريا، وتأتى هذه النفقات العالية على حساب الاحتياجات الأساسية والأنشطة المفيدة الأخرى مثل التعليم والصحة والتغذية والترفيه والرياضة.
ومع كل هذه الاضرار والتبعات الصحية والاقتصادية والاجتماعية للتدخين، فإن تجارة وتصنيع التبغ في جمهورية مصر العربية من أكبر مصادر تمويل الخزانة العامة للدولة من خلال الضرائب الباهظة المفروضة على كافة أنواع التبغ، وفى نفس الوقت عندما أصدرت وزارة المالية ومصلحة الجمارك قرارها بتطبيق السعر الحر للدولار على التبغ المستورد، تراجعت الوزارة عن القرار وعدلته بحيث يتم وضع التبغ الذي يتم استيراده باعتباره مادة خام يتم تصنيعها محليا من ضمن السلع التى تحصل على الدولار الجمركى المدعوم، وأن التبغ الذي يتم استيراده في صورة سجائر مغلفة ومعبأة وجاهزة للبيع في السوق المحلي هى فقط من تخضع للسعر الحر للدولار دون أي دعم.