خلال الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر الماضى أعلن السفير حسام زكى الأمين العام المساعد ورئيس مكتب الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن القمة العربية الأوروبية ستعقد فى مصر يومى 24 و25 فبراير 2019، معتبرا إياها قمة تاريخية، وأنه يجرى التحضير لها بعقد اجتماعات مكثفة بين الجانبين.
وسيكون هناك اجتماع وزارى عربى أوروبى سيعقد فى 4 فبراير للإعداد القمة، التى تعتبر الأولى من نوعها، على هذا المستوى الواسع من التنسيق بين منظمتين اقليميتين بهذا الحجم فى العالم وليس فى المنطقة فقط.
لأول مرة تصل أوروبا إلى هذا المستوى من الجرأة و المكاشفة والمواجهة مع مشكلاتها الحقيقة، الآن القارة العجوز على أعتاب مرحلة مختلفة من تاريخها، ما تشهده أوروبا فى الأعوام السابقة من أزمات لها علاقة بطبيعة تكوين شعوبها التى يتزايد فيها كبار السن ويقل الشباب وبالتالى القوى العاملة، وأزماتها الاقتصادية بسبب تباطؤ التجارة العالمى، أخيرا الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية من جهة والصين من جهة.
بخلاف الصراع المحتدم على أرض سوريا بسبب خطوط الغاز الطبيعى التى تستهدف أكبر سوق لها فى العالم وهو أوروبا، فيتدخل أمريكا والصين فى صراع لا يقل احتدام عن الحرب البادرة.
وأخيرا انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، وإعلان الرئيس ترامب أن الولايات المتحدة لن تكون شرطى المنطقة دون أن يكون هناك من يدفع ثمن ذلك الدور، على الفور صدرت أصوات فى أوروبا تطالب بتشكيل قوة مشتركة لتملأ الفراغ الذى ستتركه القوات الأمريكية فى الأراضى السورية والتى لن يستفيد منها سوى داعش التى يعرف الأمريكان جيدا انه لم يتم القضاء عليها فعليا، لأنها ببساطة من صنيعتهم.
ويأتى ذلك بالتزامن مع أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى والبحث عن مسارات موازية مع دول المنطقة، حتى لا تفقد ميزة الاتفاقيات التى وقعها الاتحاد الأوروبى مع دول المنطقة.
ثم خروج الرئيس الفرنسى ماكرون، بمقترح تشكيل قوة عسكرية أوروبية موحدة، وهى ببساطة ستكون بديل لحلف الناتو الذى يقود الجيوش الكبرى فى على جانبى المحيط الأطلسى، من أوروبا وأمريكا.
ويكفى إفساد الاتفاق النووى مع إيران التى تمثل تهديدا للأمن القومى الأوروبى، وكان يطمع الاتحاد فى احتوائها ودمجها تدريجا فى التجارة الدولية، وانسحب أمريكا من الاتفاق بشكل منفرد وتركت أوروبا تواجه تحدياتها بنفسها بشكل مباشر.
الآن ليس أمام أوروبا سوى أن تواجه مشكلاتها الحقيقة بنفسها، وأن تتحمل مسئولياتها، وأن تراجع مواقفها عندما كانت هناك دول تتدخل فى سوريا وليبيا والعراق واليمن وفلسطين، السودان لدعم الانفصال، من خلال الإرهابيين وتسهيل نقلهم ودعمهم وتسليحهم، وتحويل اغراق هذه الدول فى الفوضى وظلت أوروبا ساكنه وكأن الأمر بعيد عنها ولا يهدد مواطنيها.
الآن تتوجه أوروبا لأول مرة منذ إعلان انتهاء الحرب العالمية الثانية، لجيرانها بشكل مباشر لأنها تعلم أن استقرار شمال أفريقيا والخليج العربى، مرتبط بأمن المواطن الأوروبى فى الشارع بشكل مباشر، ليس فقط على مستوى الأمنى، ولكن على مستوى أن جنوب المتوسط وشماله، يمكن أن يحقق معدلات نمو على الأعلى إذا تبادلوا الأدوار على مستوى التجارة العالمية.