عندما خرجت شركة مرسيدس الألمانية من مصر فى العام 2015 علت الأبواق الإخوانية العقورة شماتة، عقورين، يفرحون فى خرابها، وتطوع المحللون المثبطون بإعلان قرب انكشاف الاقتصاد المصرى، واستبق المرجفون بتوقعات متشائمة تضرب السوق المصرية، باعتبارها سوقا طاردة للاستثمارات الأجنبية، وهكذا دواليك مع أى حركة أو إشارة سالبة تصدر من هنا وهناك.
وعندما عادت شركة مرسيدس الألمانية إلى مصر، لا حس ولا خبر، ولا تعليق ولا تعقيب، ولا ذكر يذكر، بلعوا ألسنتهم، وخرسوا تماما، وكأنها عودة المطلقة، فى صمت القبور، مع أنه خبر أول فى كبريات النشرات العالمية الاقتصادية، ومؤشر رئيس على جاذبية السوق المصرية للاستثمارات العالمية، السوق المصرية تستعيد قواها، وتقف منافسة لكبريات الاقتصادات فى المنطقة، جاذبة لكبريات الشركات العالمية.
خلاصته، هناك استهداف واضح للاقتصاد المصرى من دول وأجهزة وجماعات فى المنطقة، هناك من يسوؤه دخول استثمارات جديدة، تحزنه الإشارات الإيجابية، والتقارير المتفائلة، والعوائد المتحققة، عودة مرسيدس ليست عودة شركة سبق لها الخروج، ولكنها عودة عالمية لكبرى الشركات العالمية، مرسيدس ستجتذب وراءها شركات عملاقة ثقة فى قوام الاقتصاد المصرى، وأهلية السوق المصرية لاستقبال الاستثمارات العابرة للقارات.
بشرى عودة «مرسيدس»، والحديث عن تعاون صناعى مع شركة «بيجو» الفرنسية خلال زيارة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون إلى القاهرة لاحقا، يحرق قلوب الإخوان والتابعين، مؤشرات بلغة الاقتصاد جيدة، واعدة، طموحة، لكن تسويق هذا الذى يحدث فى مصر من نقلة اقتصادية، ضعيف، غير محسوس فى الشارع المصرى.
للأسف، الشارع يقتات شائعات مخيفة، وأقاويل مكذوبة، وحكايات محبطة، الشارع أسير شائعات تصبها قنوات الإخوان يوميا وعلى مدار الساعة، وللأسف لا نرتقى «نحن» فوق جبل الشائعات، لانزال عند السفح نستقبل الأحجار المتساقطة فوق رؤوسنا، ونوضح وننفى، محصورين فى خانة الدفاع، ونجتهد فى صد الهجمات المرعبة التى تستهدف الشارع فى أدق تفاصيله، هناك من يقف فى عرض الطريق يحض المارة على الغضب ونحن عنه غافلون.
حدث عودة مرسيدس يجب ألا يمر دون تحليلات اقتصادية معمقة، وتعلية المعنى الكامن فى العودة الطوعية لكبريات الشركات العالمية، فى السوق المصرية، مئات الشركات العالمية تجد سوقا طبيعية تسمح لها بالاستثمار وتوطين الصناعات العالمية، والبحث عن فرص استثمارية واعدة، السوق المصرية ظاهرة على مؤشرات الأسواق المتأهبة استثماريا، لو حدث هذا الذى حدث فى بلاد تركب الأفيال، لشيروها نكاية فى مصر، وتحبيطا للمصريين، وإشاعة اليأس بين الناس.
مرسيدس فى مصر مجددا، تمحو آثار ما سبق يوم خروجها من السوق فى جلبة الشامتين، وفحيح المحللين، وتثبيط المثبطين، مرسيدس فى مصر خبر لو تعلمون كبير، والقادم يحمل أكثر بكثير، ووزير الاقتصاد والمالية الفرنسى «برونو لومير» يفصح، أن الرئيس السيسى، طلب منه، خلال لقائهما أول من أمس بحث التعاون مع مصر فى مجال تصنيع السيارات بوجه عام وخاصة السيارات الكهربائية.
يقينًا خبر يسعد القلوب، مصر تولى اهتمامًا كبيرًا بملف تصنيع السيارات الكهربائية باعتبارها مستقبل صناعة السيارات فى العالم، وفرنسا إحدى كبرى الدول صاحبة الاستثمارات فى مصر، بنحو 160 شركة، وبإجمالى استثمارات تصل إلى 5 مليارات دولار، فى قطاعات البنية التحتية، والصناعة، والطاقة، والطاقة المتجددة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والبنوك والتأمين، كما يبلغ حجم التجارة بين البلدين 2.5 مليار دولار، هل عند المصريين علم؟ أشك.