مدين لآباء المركز الكاثوليكى المصرى للسينما الأحباء، وللأب بطرس دانيال بخاصة، بوردة حمراء، وبلحظة سعادة غامرة عشتها لحظة تكريمى إنسانيا قبل أن أكون صحفيا فى حفله السنوى على مسرح قاعة النيل للآباء الفرنسيسكان بوسط البلد، لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل عظيم.
الأب الصديق بطرس دانيال، مدير المركز الكاثوليكى المصرى للسينما ويعرفه أهل الفن السابع جميعاً، يملك قلب أب طيب، وحسا إنسانيا رائعا وراقيا، فضلا عن ذائقة سينمائية يعبر عنها فى مقالات مفعمة بحب السينما، بحب السينما فيلم الأب بطرس الأثير.
ويضرب مثالا ونموذجا بالأب الواعى لمهمته الإنسانية فى قلب الجماعة السينمائية، متى تسأل عن الأب بطرس صباحا أو مساء أو فى «أنصاص الليالى»، ستجده حاضرا فى مهمة إنسانية، يتفقد نجما حزينا فى وحدته، أو يعود نجمة سقطت مريضة ولا أحد جوارها بعد أن انفض الجمع عنها، أو يجامل نجما فى غبطة، يقدم الحب قبل الورد، وقدم ورودا حمراء لثلة من نجوم الشاشة المصرية فى واحدة من ليالى السينما السعيدة.
الاحتفال السنوى بالسينما المصرية فى المركز الكاثوليكى للسينما جاء فى وقته تمامًا، والضباع تكالبت على السينما وأهلها تكالب الأكلة على قصعتها، جاء الاحتفال الراقى بحضور آباء الكنيسة الكاثوليكية بزيهم التقليدى فى وقت تهجم الكلاب المسعورة على الفن السابع تنهش سمعته، وتهين رموزه، وتحرم الفن الذى لطالما أسعدنا وأنار حياتنا، مصر جاوزت المائة سنة سينما، وهو رقم لو تعلمون عظيم جدير بالاحتفاء والغبطة.
المركز الكاثوليكى يحمل على عاتقه ومنذ العام 1948 الاحتفاء بالفن السابع، لم يتأخر يوما عن موعده المضروب، وكأنه قداس مقدس يحضره الآباء فى غبطة وسرور، رسالته تشجيع الأعمال السينمائية التى تسمو بالقيم الإنسانية والأخلاقية، معادلة تتسق مع أخلاقيات الكنيسة، وتستبطنها، وتعمل عليها كواجب مقدس، السينما المصرية فى عمرها الطويل لا تزال تقف على حدود هذه المعادلة فى نشر الخير والحب والجمال.
رسالة الاحتفال السنوى بالسينما المصرية فى هذا المركز الكنسى، وقفة سينمائية هائلة أمام هجمة عقور تسيرها منابر مسعورة، نفرة فى مواجهة تيار القبح والتحريم والتفسيق، رفضا لتيار تحريمى يرى السينما بعيون شريرة، متربصة بالفن وأهله،لم يمر على قرن من السينما المصرية مثل هذا الظرف الصعب الذى باتت السينما بلا غطاء فى مواجهة عصبة من المتطرفين العتاة الذين يغتالون السينما ونجومها صباح مساء.
الأب بطرس جاء يكمل رسالة الآباء الفرنسيسكان فى رعاية الفنون جميعا، يكمل رسالة الأب المؤسس بطرس فرانسيدس والأستاذ فريد المزاوى ثم الأب أرمنيو رونكارى ثم الأب يوسف مظلوم، وقد أوكلت الرهبنة الفرنسيسكانية بمصر إدارة المركز الذى صار قبلة للسينمائيين فى مصر للأب بطرس دانيال منذ 7 أكتوبر2010 وحتى يومنا هذا يؤدى رسالته التى نذر نفسه إليها فصار أقرب من السينمائيين من بعضهم إلى بعض، ويجمعهم كل عام فى حفل أنيق يتوج به العام كله.
التقدير والاحترام والثقة التى يحظى بها المركز بين جموع السينمائيين، لم يأت من فراغ، بل نتيجة تراكمية للمواقف المختلفة والآراء البناءة، التى تبناها المركز منذ تأسيسه وحتى الآن، حيث لا يفرق المركز فى التعامل مع الأشخاص أو الهيئات والمؤسسات على أساس الدين أو العرق أو المذهب، لذا فليس من الغريب أن يكون المركز الكاثوليكى بيت السينما المصرية الدافئ، ولا يتأخر عن حفله السنوى نجم أو فنان إلا للشديد القوى، نداء الأب بطرس دانيال سنويا يلبيه الخلصاء، لأنه لا يبغى سوى الخير لأهل الفن السابع، وقاهم الله شر فتاوى التحريم ما ظهر منها وما بطن.