فى تقرير موسع، نشرته صحيفة جلوبال تايمز الصينية فى نسختها الإنجليزية، مؤخرا، كشف الأسباب الحقيقية وراء الانهيار الدراماتيكى اللافت للاقتصاد التركى فى أقل من عام، مؤكدا أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، قدم نموذجا اقتصاديا، غير واقعى، ومجرد أسطورة وهمية، لا تمت للواقع بصلة..!!
ولم تكتف الصحيفة الصينية بذلك، وإنما توقعت مزيدًا من الانهيار والصعوبات التى ستواجه الاقتصاد الأردوغانى، خلال الشهور القليلة المقبلة، خاصة أن حكومة حزب العدالة والتنمية «الإخوانى» منشغلة الآن، فى معركته السياسية، مع خصومه من المعارضة، والصدمة الكبرى التى تلقاها فى الانتخابات البلدية «المحلية» وخسارته فى العاصمة أنقرة، وكبرى المدن التركية اسطنبول وأزمير، تمثل كارثة كبرى، لمستقبل الحزب، إذا ما وضعنا فى الاعتبار أن الخسارة فى اسطنبول تحديدا، وهى المدينة التى انطلق منها الحزب، ورئيسه «أردوغان»، نكسة سياسية حقيقية..!!
معركة الحزب السياسية، وانشغال الحكومة، والرعب الذى سكن قلب رجب طيب أردوغان، خوفا على مستقبله السياسى، سيؤدى إلى ارتباك فى المفاهيم، وخلل فى فقه الأولويات، فالتركيز الأكبر، وحسب توقعات محللين ومراقبين، وأيضا ما ألمحت إليه صحف متخصصة فى الشأن الاقتصادى، توقعوا أن تركيز الحكومة فى هذه المرحلة، سينصب على الجانب السياسى، مما سيؤثر سلبا على الجانب الاقتصادى، لا محالة..!!
لكن يبقى السؤال الأهم، والأقوى، هل قرار رجب طيب أردوغان تعيين صهره «بيرات البيرق» وزيرا للمالية، له نصيب فى الأزمة الاقتصادية العنيفة التى تتعرض لها تركيا..؟! وهل إطلاق يد ابنه «أحمد» للسيطرة على الشاحنات والموانئ والمنافذ البحرية والبرية، وعقد الصفقات التجارية المشبوهة له نصيب أيضا..؟!
الإجابة.. طبعا..!! فلا يوجد قرار ليس له تبعات، سواء كانت إيجابية أو سلبية، وربما تكون هذه القرارات لها صدى سلبى، نسبيا، فإنه تبقى هناك قرارات وسياسات لعبت الدور الجوهرى فى زيادة الأوضاع التركية سوءا وتعقيدا..!!
منها، دعم أردوغان للتنظيمات الإرهابية، وتدخله السافر فى الشؤون الداخلية لعدد من الدول، منها مصر وسوريا والعراق، وغيرها من الدول، وتنصيب نفسه حامى حمى الديار الإخوانية، فصار داعما ومدافعا عن مصلحة تنظيم إرهابى، ومستعديا الدولة المصرية، شعبا وحكومة، ونفس الأمر فى سوريا والعراق وليبيا، وغيرها من الدول.
بجانب، ما صنعه بقواته المسلحة، وبث الفرقة بين شعبه، وتنكيله بكل معارضيه، واستبعاد الآلاف من وظائفهم فى مختلف المؤسسات الحكومية.
لكن يبقى القرار الأخطر فى تاريخ «تركيا» تحديدا، وهو إهانة القوات المسلحة، أيما إهانة، فى سيناريو مسرحى، تم إعداده وتنفيذه لغرض إذلال الجيش وقياداته وكسر أنوفهم أمام شعبهم، فيما يطلق عليه الانقلاب العسكرى، فى 15 يوليو 2016.
القرارات التى اتخذها رجب طيب أردوغان حينها ضد القوات المسلحة، وفتح نيران أسلحة كراهيته فى كل اتجاه للانتقام من الجميع، جيشا وشرطة وقضاة وموظفين وسياسيين ومحافظين وعمالا، كانت كارثية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وخلّف مهانة وإذلالا، وكسرا لكرامة وكبرياء الضباط والجنود وأسرهم وأصدقائهم، عندما جردهم من ملابسهم والتقط لهم الصور وهم عراة، منكبين على بطونهم، فى مشهد نقلته كل شاشات القنوات التليفزيونية فى العالم، كما تصدرت صوره الصفحات الأولى للصحف العالمية، فهل يعتقد رجب طيب أردوغان أن بهذه الأساليب الانتقامية الوقحة، قد حافظ على كبرياء قواته المسلحة؟!
ولم تقتصر قرارات أردوغان المذلة لجيشه، على هذا الحد، ولكن اتخذ قرارا أكثر إذلالا ومهانة، عندما أصدر مرسوما يقضى بإجراء تغييرات جوهرية فى بنية هيئة أركان الجيش التركى وعلاقتها بوزارة الدفاع، كما تم إعادة هيكلة المجلس العسكرى الأعلى، المنوط به التعيينات العسكرية ومجلس الأمن القومى، أعلى الهيئات الأمنية فى تركيا.
ووفق المرسوم، سيلتقى المجلس العسكرى الأعلى مرة واحدة فى السنة على الأقل، بدعوة من نائب الرئيس التركى، الذى يعيّنه الرئيس أيضاً، كما يملك الرئيس دعوة المجلس للاجتماع إذا اقتضت الضرورة، ويضم المجلس، حسب المرسوم، كلا من نائب الرئيس، ووزيرى الخزانة والمالية والتعليم..!!
ومن المعلوم بالضرورة أن وزير الخزانة والمالية، هو«بيرات البيرق» صهر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، «يعنى زيتنا فى دقيقنا»..!!
واضح أن المصائب لا تأتى فُرادى، فالاقتصاد ينهار، ودول العالم تتشفَّى فى أردوغان ونظامه، جراء سياسته الوقحة القائمة على دعم التنظيمات الإرهابية والتدخل السافر فى الشؤون الداخلية للبلدان، وإقحام نفسه فى نزاعات إقليمية، لتأجيج الصراع، بجانب سخط المؤسسة العسكرية، وأيضا حالة الغليان فى الأوساط الثقافية والإعلامية، ثم أخيرا نكسته فى الانتخابات المحلية وخسارته فى أنقرة وإسطنبول، وغيرهما من المدن الكبرى والمؤثرة..!!
ولك الله.. ثم شعب واع وصبور.. وجيش قوى يا مصر..!!