نتحدث كثيرًا عن حقوق الأطباء ومساندتهم والارتقاء بمستواهم المادى وحمايتهم من البلطجة التى تمارس ضد بعضهم أثناء عملهم سواء من مواطنين عاديين أو أصحاب سلطة، وكلها مطالب مشروعة نقف معها وندعمها، ونساند الجمعيات العمومية للنقابة سواء الماضية منها أو القادمة فى الثامن من أبريل الحالى لنفس السبب، فلا يمكن أن نقبل تعرض الأطباء لأى نوع من الإساءة أو الاعتداء لكن فى المقابل لا نقبل أن ننسى أو نتجاهل حقوق المريض وحمايته من تعنت بعض الأطباء وتجاوزاتهم وكوارثهم .
أنا هنا لن أتحدث أبدًا عن الظاهرة التى انتشرت بين أغلب أطباء مصر وهى عدم التزامهم بمواعيد عيادتهم "ولطع" المريض بالساعات انتظارًا لدور قد يئن حتى يصل إليه وبعض الأطباء يمتد تحديد الموعد فى عياداتهم إلى شهرين أو أكثر، وأحيانًا وبعد طول انتظار يعتذر الطبيب بلا مبرر مقنع وعلى المريض أن يرضى صاغرًا وأن يتحمل آلامه حتى يتمكن من مقابلة الطبيب.
ولن أتحدث إطلاقًا عن الفيزيتا التى قفزت فجأة لتلتهم نصف رواتب أغلب المصريين، فبعض الأطباء رفع قيمة الكشف إلى ستمائة أو خمسمائة جنيه، وآخرون وصلوا إلى الأربعمائة جنيه ومن حاولوا مراعاة ظروف المصريين الاقتصادية اكتفوا بثلاث ورقات فئة المائة جنيه.
ولن أتطرق هنا لبدعة ابتكرها بعض الأطباء بتحديد فيزيتا خاصة للاستشارة التى من المفترض أنها حق طبيعى للمريض، ولن آتى على سيرة لعبة الكشف المستعجل التى تفرق بين فئات المرضى داخل العيادة الواحدة ويستغل فيها الأطباء ظروف بعض المرضى وعدم قدرتهم على الانتظار فى العيادة حتى منتصف الليل.
لن أتكلم عن أجر الأطباء فى العمليات الجراحية والتى أصبح بعضها يجبر المريض على انتظار الموت كحل أفضل من بيع ممتلكاته لإجراء عملية غير مضمونة.
لن أخوض فى قصص الأخطاء القاتلة لبعض الأطباء والتى يدفع ثمنها مرضى غلابة لا حول لهم ولا قوة .
كل هذا لا يهمنى ولكن كما نطالب بحماية الأطباء فمن حقنا أن نجد من يحمينا من تجاوزات بعض الأطباء الذين لا يراعون أى قيم أو أخلاقيات مهنية، من يتاجرون بالمرضى ويتعاملون معهم كفئران تجارب، دون رقيب أو حسيب ومن ينظرون إلى المريض على أنه سبوبة ويجب تحقيق أكبر قدر من الاستفادة على حساب خوفه من المرض، من يخدعون المرضى بتخصصات وهمية وشهادات مضروبة ويستنزفونهم ماليًا على مرأى ومسمع من النقابة.
نحن بالتأكيد مع الأطباء قلبًا وقالبًا، نساند مطالبهم ولكن نحتاج منهم أن يهتموا بنا وأن تنحاز نقابة الأطباء أكثر من هذا إلى المرضى الغلابة، وأن تتصدى لمحاسبة أى طبيب يقصر فى أداء واجبه أو يتاجر فى المرضى، فمن أسف أن نجد تجاوزات الأطباء تتزايد وتقصيرهم يتكرر وأخطاؤهم تتضخم بينما ما يخرج من النقابة قرارات قليلة وضعيفة لا تحقق الردع ولا تشعر المريض أنه فى أيد أمينة.
كنت أتمنى أن أجد فى بيان النقابة خلال جمعيتها العمومية غير العادية بجانب الستة عشر بندًا التى خرجت منها لتحمى حقوق الأطباء بندًا واحدًا يطالب الأطباء أنفسهم بالرحمة مع مرضاهم داخل عياداتهم، وفى الفيزيتا وداخل غرف العمليات لكن لم يحدث هذا وأظن أن الوقت لم يفت ويمكن تلافيه فى أى وقت، خاصة أننا أمام مجلس ونقيب محترم هو الدكتور حسين خيرى الذى يعرف الجميع عنه إنسانيته ويطمعون أن تنتقل هذه الإنسانية إلى كل أبناء هذه المهنة السامية لتظل سمعتها ناصعة ومكانتها ثابتة فى قلوب المصريين.