مهما كان حجم قدراتك التمثيلية واندماجك فى الشخصية التى تقدمها كممثل، من المؤكد أنه سيكون هناك بعض السقطات بالدور، إما إخفاق قليل منك فى بعض التفاصيل الخاصة بتحضيرات الشخصية أو وجهة نظر غير صحيحة من المخرج وبناء عليها تم توجيهك بشكل خاطئ، أو أى شىء آخر، وهذا ما يحدث فى العديد من الأدوار الناجحة التى خلقت لأصحابها بريقا على الشاشة وتوهجا على الساحة الفنية، فدائما لا تخلو من الأخطاء الطفيفة.
هنا فى موسم رمضان الحالى، وفى مسلسل «لمس أكتاف»، من بطولة ياسر جلال ستجد أنك بالفعل أمام طاقات تمثيلية لا تنتهى، أحدها فتحى عبد الوهاب، والذى أعتبره صاحب مدرسة جديدة فى فن الأداء والتقمص، حيث لم يترك «هفوة» أو بالمعنى البلدى خرم إبره للشخصية التى قدمها كى أتحدث عن أى مآخذ عليها.
فتحى عبد الوهاب قدم شخصية رجل الأعمال الفاسد «حمزة الحناوى»، بطريقة تخطت السهل الممتنع، السلاسة فى الأداء والنظرات التى تعبر عما تحمله الشخصية من تفاصيل دقيقة ومركبة، الرجل الشرير للغاية، الغامض فى كثير من الأحيان، المحب لزوجته ولشقيقته فى أحيان أخرى، الباحث عن صديق مخلص من كثرة الغدر الذى تعرض له، كل هذه السمات والتفاصيل المركبة التى رسمها المؤلف هانى سرحان للشخصية كان من الممكن أن يأخذها فتحى عبد الوهاب إلى التقليدية فى الأداء، بأن يصطحب حمزة الحناوى إلى الضحكات المرتفعة الشريرة، الصراخ فى كل جملة كى يؤكد أنه شرير وصاحب إمبراطورية أعمال مثلما هو حال الدور الذى يلعبه، لكن فتحى عبد الوهاب بالفعل خلق خطا تمثيليا جديدا للدور، الهدوء الشديد والثقة فى النفس الزائدة والتريث فى الحديث وهو بالفعل حال كبار رجال الأعمال الفاسدين، حتى فى لحظات غضبه قد يرتفع صوته لكنه سرعانا ما يعود إلى الإحساس الداخلى للشخصية فيترجمه بنظراته وتعبيرات وجهه المتسقة مع هذا الإحساس.
جميع المشاهد التى قدمها فتحى مع أدهم عبد الجابر «ياسر جلال»، أو مع شقيقه زيدان أو شقيقته غادة «إيمان العاصى»، أو عايدة «المتميزة حنان مطاوع»، كل مشهد منها يستحق الإشادة بمفرده بل تقديمه كاختبار عملى فى ورش التمثيل، فهو بمثابة مباراة تمثيلية يفرضها فتحى على الشاشة ليستمتع بها المشاهد.
هذا الدور لو كان ذهب لأى ممثل آخر من المؤكد أنه كان سيذهب به إلى منطقة أخرى، وهى التقليدية فى تقديم صورة رجل الأعمال الفاسد بضحكاته بصريخه بأدائه الروتينى، لكن وجود سمات مختلفة وتفاصيل مركبة للشخصية صاغها هانى سرحان بحرفية وتمكن شديد، بالفعل كانت تحتاج لمُدرس مثل فتحى عبد الوهاب يفتح بها مدرسة تمثيل جديدة.. ربما وجود مايسترو متميز مثل حسين المنباوى يعى جيدًا من الذى سيأخذ الدور ويذهب به إلى ما فى خياله، ومخرجًا قادرًا بالفعل على إدارة الشخصيات المكتوبة على الورق برؤية صحيحة وغير تقليدية ساعد فتحى عبد الوهاب على إخراج أفضل ما لديه.