فى الوقت الذى يتطوع فيه مصريون بتوزيع الاتهامات الجزافية ضد الشرطة المصرية فى قضية مقتل الإيطالى ريجينى، ويتناقلون الشائعات باعتبارها حقائق مؤكدة، ويحملون الأخبار الموجهة والمغرضة ضد الدولة المصرية حول فزاعة الاختفاء القسرى باعتبارها نوعا من البطولة والثورية، يصمت هؤلاء الشطار عن اختفاء مواطن مصرى منذ خمسة أشهر فى إيطاليا، وكأن الموضوع لا يعنيهم من قريب أو بعيد!
رأينا نشطاء مصريين يستجيبون لوسائل الإعلام الغربية ويتطوعون بتقديم أعنف الانتقادات لبلدهم ولأجهزته الأمنية فى حادث ريجينى، بل ويتقمصون دور المفتش «كولومبو» ويقدمون تفسيرات واتهامات واضحة للشرطة المصرية، باعتبارها اعتادت على اختطاف المواطنين أو قتلهم وإخفائهم، ورأينا كذلك تنسيقا غريبا بين اللجان الإلكترونية التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية وبين مجموعات من المعارضين غير المحسوبين على الإخوان، وكلهم يعزفون نغمة واحدة، التعذيب الممنهج والاختفاء القسرى فى مصر، ريجينى حلقة جديدة من حلقات عسف الشرطة المصرية!!
بل رأينا الأغرب، أن يتم التنسيق بين أم خالد سعيد وأم ريجينى لإعطاء الحادث بعدا رمزيا مأساويا وتحويله لأيقونة عالمية ضد الظلم والتعذيب والوحشية، بينما أصابع الاتهام تشير إلى أجهزة الأمن المصرية وتضعها فى زاوية لا يمكن الهروب منها!
وبصرف النظر عن هذا الإخراج الأمريكى الهوليوودى للحادث وتحويله إلى نمط من التفكير وحشر المصريين الذين يقدمون أنفسهم للخواجات باعتبارهم «تحت الطلب» وجاهزين لأى مهمة فى أى وقت، بصرف النظر عن هذا الجانب المحزن والمؤسف، من انتفض من المصريين للبحث عن المصرى عادل معوض المختفى فى إيطاليا منذ خمسة أشهر؟! من طالب السلطات الأمنية الإيطالية بالحقائق الكاملة وراء اختفائه؟ من دشن هاشتاجات وكتب بوستات وأدار حملات على مواقع التواصل الاجتماعى للمطالبة بحق أسرته وأولاده فى أن يعرفوا ما جرى له؟
الإسكندرية ليست بعيدة عن زفتى بلد عادل معوض، وبالقطع زفتى أقرب إلى الإسكندرية من روما بلد ريجينى، فهل فكرت أم خالد سعيد فى زيارة أسرة عادل معوض والتصوير معها، وإعلان تضامنها مع زوجته وأولاده ضد «هؤلاء» ! هؤلاءالذين تشير إليهم أم خالد سعيد بوضوح فى فيديو ريجينى، أليس من الواجب أن تشير إليهم بوضوح أكبر فى فيديو تضامنها الجديد مع عادل معوض وأسرته؟!
مواقع مجهولة وصفحات على فيس بوك وحسابات على تويتر تروج بسرعة النار فى الهشيم الرسالة المغرضة عن اتهام أحد مسؤولى الشرطة المصرية بقتل ريجينى، كما تروج ما أعلنته صحيفة إيطالية عن أعداد المختفين قسريا فى مصر ومعظمهم من جماعة الإخوان الإرهابية، ونفس هذه المواقع تحتفى بالرسائل التى يروجها المشبوه عمر عفيفى من الولايات المتحدة وكأنها حقائق مؤكدة، لكنها لا يمكن أن تنتصر لشىء أو قضية تخص الدولة المصرية، والعوام والجهلة والمغرضون وأصحاب الكراهية العمياء يسيرون وراءها مثل الأنعام!!
وهنا لا بد أن نتساءل: هل المشكلة فى النخبة الجاهلة والنخبة المشوهة والنخبة الانتهازية والنخبة التى تعبد السبوبة والنخبة المريضة بالمعارضة الغبية دون فهم أو تبصر؟!
بجد لا بد أن نتأمل هذه المعضلة وأن نبحث لها عن حلول تفتح الأعين المغلقة على اتساعها وتنظف الأدمغة «الوسخة» وتعيد للمنطق احترامه ولمفهوم الوطن قداسته.
والله أعلم