خمسة أيام قضاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز فى زيارة بلده الثانى مصر، عكست بشكل واضح مدى الحب الذى يكنه لأرض الكنانة ولشعبها صاحب التاريخ العريق.
هذا الحب الذى تجلى بوضوح فى كلمات خادم الحرمين الصادقة التى لامست قلوب ملايين المصريين، لمسنا أثره فى حفاوة الاستقبال والزخم الإعلامى والشعبى المصاحب لهذه الزيارة.
إذا ما نظرنا إلى عدد الاتفاقيات التى تم توقيعها بين الجانبين ونوعية هذه الاتفاقيات نلمس حرص خادم الحرمين على تحقيق تنمية الإنسان - أى إنسان - لأنه يدرك أن الإنسان هو أداة التنمية ووسيلتها فى نفس الوقت.
وانطلاقا من هذه الرؤية التنموية الشاملة جاء برنامج خادم الحرمين لتنمية سيناء متضمنا عشر اتفاقيات لتنفيذ مشروعات متعددة فى مجالات مختلفة ما بين التعليم والصحة والإسكان والزراعة وكلها تصب فى خانة تنمية الإنسان.
بشائر الخير التى تضمنتها زيارة خادم الحرمين لمصر تنوعت فى وقعها واستقبال الشعب المصرى لها، إلا أن اتفاقية إنشاء الجسر البرى بين البلدين كان لها نصيب الأسد فى الحفاوة والزخم، خاصة بعد أن تم الإعلان عن إقامة منطقة تجارة حرة فى سيناء لتكتمل بذلك منظومة التنمية الشاملة.
ومنذ تحريرها من الاحتلال الإسرائيلى الغاشم كانت تنمية سيناء ولازالت مطلبا شعبيا، وتناوبت الحكومات المصرية فى تقديم برامج ومشروعات تنموية تفاوتت فى تأثيرها ونتائجها بحسب كل حكومة، إلا أن الفرصة للتنمية الحقيقية بدأت تتضح معالمها مع الإعلان عن أول مشروع مرتبط بجسر الملك سلمان ألا وهو المنطقة الحرة التى من شأنها أن توفر الآلاف من فرص العمل وتساعد على زيادة حركة التبادل التجارى بين الجانبين.
لقد مد الملك سلمان يديه للشعب المصرى الشقيق بجسر برى ومنطقة حرة وعلى الحكومات والأجهزة ذات العلاقة فى البلدين أن تتلقف هذه الفرصة، والتحرك السريع نحو إنجازها فى أسرع وقت ممكن وتجاوز العقبات البيروقراطية والتعقيدات الإدارية بشكل يجعل المواطن فى البلدين يجنى ثمار هذا التعاون بين الحكومتين.
ما يلفت النظر فى حجم الاتفاقيات بين البلدين أنها جاءت خالية من المنح والهبات، وهو ما يعنى أن كل من مصر والسعودية جادتين فى العمل نحو تعظيم الاستفادة من هذه الاتفاقيات لتحقيق المرجو منها، وتهيئة الظروف نحو مزيد من التعاون وتشجيع الاستثمارات المشتركة.
ولا يختلف معى الكثيرون فى أن السوق المصرية سوق واعدة، وأن حجم الاستثمارات السعودية فى مصر يجب أن يظل الأكبر بين كل الدول، نظرا لما لمصر من مكانة لدى القيادة والشعبين .