هل يفيد اعتراف أوباما بخطئه فى ليبيا؟

اعتراف متأخر جداً ما قاله الرئيس الأمريكى باراك أوباما لقناة فوكس نيوز قبل ثلاثة أيام بأن فشل واشنطن فى الاستعداد لمواجهة ما يحدث فى ليبيا بعد انهيار نظام القذافى يشكل أكبر فشل لإدارته خلال فترتى ولايته، فالعالم كله انتفض ضد القذافى وقرر الإطاحة به من السلطة فى ليبيا، لكن لم يكن لديهم خطة محددة، لا للإطاحة بالقذافى ولا لمرحلة ما بعد القذافى فى ليبيا.

الغرب، للأسف، بدعم عربى حمل توقيع جامعة الدول العربية وبسلاح الناتو جرجروا ليبيا إلى الفوضى التى لا يُتوقع أن تخرج منها قريباً، لأنهم دخلوا بغرض الانتقام وليس إنشاء دولة ديمقراطية كما كانوا يروجون ويقولون.

ما قاله أوباما سبق أن سمعته من قيادات فى حلف الناتو أثناء زيارة لمقر الحلف قبل عامين بالعاصمة البلجيكية بروكسل، فهم لا يريدون أن يلصق بهم تهمة تدمير ليبيا، ودائماً ما يبررون تدخلهم بأنه جاء بطلب من الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، لكنهم يؤكدون فى أحاديثهم أنهم كانوا يخشون من المستقبل بعد انتهاء الضربات الجوية، لأن الهدف الأساسى للعملية هو الإطاحة بالقذافى فقط، دون أن يكون هناك إدراك لخطورة السلاح المنتشر فى كامل ليبيا، والذى يتوقع وقتها أن يكون فى يد كل ليبى، ويؤكدون أن مهمتهم كانت مقتصرة فقط على الضربات الجوية دون إمكانية للتدخل على الأرض للسيطرة على فوضى السلاح بعدما فتح القذافى مخازن السلاح أمام الجميع دون سيطرة.

شهادة أوباما ومن قبله قيادات الناتو تؤكد الطريق الخطأ الذى سلكه الجميع حينما أرادوا التدخل فى ليبيا قبل خمس سنوات، حينما شاركت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى عبر حلف الناتو فى شن غارات جوية فى ليبيا، لأنه بعد مقتل القذافى اندلعت حرب أهلية وانقسمت ليبيا إلى قسمين بين حكومتين وبرلمانين، حيث تسيطر ميليشيات إسلامية على طرابلس، بينما سيطرت قوات الحكومة المعترف بها دوليا على المناطق الشرقية.

أوباما قبل ذلك فى تصريحات نقلتها مجلة «اتلانتك» ألقى باللوم على رئيس الوزراء البريطانى دافيد كاميرون، وقال، إن الأخير أصبح مشتتا بعد بدء الضربات الجوية فى ليبيا، وهى التصريحات التى أثارت موجة غضب شديدة داخل الحكومة البريطانية التى تعد أقرب حليف للولايات المتحدة، وهو ما يشير إلى أن واشنطن كانت تبحث عن كبش يتحمل المسؤولية بدلاً منها، وحينما انتفضت لندن ضد تصريح الرئيس الأمريكى لم يجد الأخير بديلاً سوى الاعتراف بأنه أخطأ فى إدارة الملف الليبى.

للأسف الشديد فإن واشنطن أدركت خطأها متأخراً جداً، ولم تحاول تصحيح الوضع إلا منذ أسبوع واحد تقريباً، حينما تراجعت عن موقفها الرافض لتسليح الجيش الليبى بالأسلحة التى تمكنه من مواجهة الميليشيات الإرهابية التى أخذت فى الاتساع داخل ليبيا، وعلى رأسها تنظيم داعش الذى بدأت الدائرة تضيق عليه فى العراق وسوريا ولم يجد سوى ليبيا بديلاً آمنا له فى ظل الفراغ الأمنى وعدم قدرة الجيش الليبى على المواجهة.

كما واصلت واشنطن إخفاقها فى التعامل مع الملف الليبى حينما تركت لإخوان ليبيا حرية الحركة السياسية بدعم تركى قطرى، مما أدى إلى ظهور بوادر لتقسيم ليبيا شرقاً وغربا، فكل المؤشرات كانت تسير فى هذا الاتجاه، لولا بعض التدخلات من دول الجوار وتحديداً مصر التى استطاعت حشد الجهود الإقليمية والدولية أيضاً لوضع حل للأزمة الليبية.

من المفيد أن يصرح الرئيس الأمريكى بهذا الأمر، لأنه يعد مؤشراً على تغير فى الموقف الغربى تجاه، ليس الوضع فى ليبيا فقط، وإنما تجاه المنطقة بالكامل، فالخطأ لم يقتصر على ليبيا فقط وإنما على بقية الملفات الإقليمية التى تعاملت معها واشنطن بطريقة أثبتت الأيام فشلها، كونها اعتمدت على تقديرات خاطئة لبعض الأطراف والقوى الإقليمية، تحديداً حينما منحت واشنطن جماعة الإخوان المساحة التى لا تستحقها فى التواجد الإقليمى سواء فى مصر أو سوريا واليمن وليبيا بالطبع، وقد يكون ما قاله أوباما بشأن خطئه فى ليبيا خطوة أولى لمراجعة أمريكية لتعاملها مع المنطقة بشكل عام.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;