أيام معدودة باتت تفصلنا عن امتحانات الفصل الدراسى الأول، سواء لطلبة المدارس أو الجامعات، وقد بدأت الأسر المصرية حالة خاصة من التحضير والتجهيز لهذه الجولة المعتادة من خلال حرمان الأطفال من متابعة التليفزيونات وسحب هواتفهم الذكية، ومنعهم من اللعب على أجهزة الكمبيوتر، أو الذهاب إلى النادى، تحت دعوى التفرغ للمذاكرة والتركيز فى الامتحانات التى باتت "على الأبواب".
الفلسفة التى تعتمد عليها الأسرة المصرية فى التعامل مع أجواء الامتحانات ترسخ فلسفة القلق والاضطراب لدى الطفل، الذى يتوارث هذه الأجواء من مرحلة رياض الأطفال " كى جى 1" حتى ينتهى من الدراسة الجامعية، ويمتد هذا القلق مع كل ذكر لكلمة امتحان أو اختبار، سواء كان لشغل وظيفة أو ترقى أو تدريب، فنحن نغرس فى أبنائنا الخوف من الامتحان، حتى ولو كان استعدادهم جيد، أو تحصيلهم الدراسى متميز وفعال، ومهاراتهم على الفهم والتركيز فى أفضل مراحلها.
الأسرة المصرية فى حاجة إلى إعادة النظر فى فلسفة التعامل مع الامتحانات، وثقافة تخويف الطالب، والتهديد والوعيد الذى يتم ، واللوم لفقدان درجة فى امتحان اللغة العربية أو نصف درجة فى امتحان اللغة الإنجليزية أو مثلها فى الرياضيات، فهذه الأمور ليست الطريقة التربوية المثالية للتعامل بها مع التلميذ أو الطالب، فعلينا أن نبدأ بالتشجيع أولا، بأن نقول يمكنك أن تحصل على الدرجة النهائية لو راجعت دروسك بطريقة أفضل، دون أن تكون الإجابة: " فقدت الدرجة النهائية بسبب التليفزيون أو لكثرة اللعب وإهمال المذاكرة "، فيجب أن نفهم أبناءنا أولا ولا نصنع عداوات بينهم وبين الأنشطة التى يمارسونها ونعتقد أنها السبب فى عدم حصولهم على الدرجات النهائية.
النظام التعليمي الجديد يعتمد على فلسفة التفاعل مع المناهج والتدريب عليها وممارسة الأنشطة المختلفة، دون أن يجبر الطالب على صورة معينة للمذاكرة أو التخويف من طريقة وأسلوب الامتحانات، ولذلك جعل السنوات الدراسية الأولى بدون نجاح ورسوب، بل تعتمد فقط على مجموعة من التقييمات، التى يتم من خلالها تحديد مستوى الطالب، ومدى وعيه وإدراكه وتفاعله مع المناهج والأنشطة الدراسية، وقدرته على التفكير بطريقة علمية منظمة، دون أن يشغله بوظائف الحفظ والاستذكار التقليدية، التى كانت ومازالت العقبة فى تطوير النظام التعليمي القديم.
نحتاج فقط إلى تطوير مهارات الطلاب وتشجيعهم نحو المزيد من التميز والإبداع، وحب التعلم، بدلا من السيطرة عليهم، فالأجيال الجديدة تحتاج إلى احتواء وذكاء فى التعامل معها، دون أن يكون شغلنا الشاعل الامتحانات وما يرتبط بها من ضغوط وأعباء على الأسرة المصرية.