«ما لك يا شط إسكندرية حزين» جملة من أغنية كتبها بهاء جاهين وغناها محمد ثروت فى مسلسل «شط إسكندرية» من بطولة الراحل ممدوح عبدالعليم، لكنها كافية إذا ما أردنا أن نتحدث عما أصاب المدينة الجميلة فى سنواتها الأخيرة، فقد كانت مدينة الإسكندرية قديما محظوظة بأشياء كثيرة منها أن كاتبا مثل أسامة أنور عكاشة كان يحبها، لذا ظهرت فى الأعمال الدرامية التى كتبها جميلة تبلل شعرها بماء البحر وتنظر بطرف عينها ناحية الشمس، كذلك كتب عنها بكل الحب إبراهيم عبدالمجيد ومحمد جبريل ومن قبلهما وبعدهما آخرون، وحتى الكتاب الأجانب الذين مروا بها أو استقروا فيها شغلتهم واستولت على مشاعرهم، لذا أحببنا المدينة قبل أن نذهب إليها، فلما ذهبنا وجدنا كل شىء كما تخيلنا وأكثر، لكن يبدو أن الحظ تخلى عن هذه العروس الجميلة وأصبحت أخبار الجمال تقل جدا وسجلت الأنباء الواردة كلاما عن الهدم والتشويه.
يتبادل البعض صورا لمحطة الرمل، وبينما تقول المحافظة إنها ترمم المكان وتحافظ عليه محتفظة بصورته القديمة وتطوره يقول أبناء المدينة والناشطون والصور المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى إنهم يهدمون، وأن هذا المكان لن يعود كما كان، ويعزز ذلك الخوف الهدم المتتالى لمبانٍ سكندرية ذات طابع تراثى مثل فيلا «أجيون» التى يتجاوز عمرها الـ90 عاما ولم يتحرك أحد لإنقاذها مما هى فيه، حتى التنسيق الحضارى حركته بطيئة جدا فى هذا الأمر، ففى موضوع الفيلا تقدم بمذكرة للمحافظة وبالطبع المحافظة لن تنتبه لهذه المذكرة وستتجاهلها وتجعل هذا الأمر يمر، أما فى محطة الرمل فسوف يقوم التنسيق الحضارى بإرسال تصور للمكان فى نهاية إبريل، وأعتقد أن هذا ميعاد متأخر جدا، فالمفروض أن هذا التصور كان يجب أن يكون موجودا قبل البدء فى عمليات الهدم والترميم.
المسؤولون فى المحافظة لا يعرفون خصوصيتها ويمكن ملاحظة ذلك لو قمت بطرح سؤال «ما الذى تمثله مدينة الإسكندرية؟» المواطن العادى سيقول «عروس البحر المتوسط» والمثقفون سيتحدثون عن هويتها المتنوعة وعوالمها المتداخلة، أما المصريون الذين سافروا لبلاد الغرب فيحدثونك عن معمارها المتميز الذى يشبه بلاد اليونان وبلاد الطليان، لكن المسؤولين سيقولون لك «إنها مدينة مصرية مثل أى مدينة لها مشكلاتها المتعددة التى لا تنتهى»، وبسبب هذه الإجابة المتوقعة للمسؤولين ضاعت أشياء جميلة جدا من المدينة المتميزة، التى بجانب كونها البوابة الشمالية لمصر لكنها المدينة الأجمل التى تضع إحدى يديها فى البحر والأخرى فى أيدى أبنائها، ومن هنا تأتى المشكلة التى تجعل شاطئ الإسكندرية حزينا بشكل دائم.