مع تراجع أخبار البريكست الصادمة وحالة الهدوء الحذر التى سادت بريطانيا مع مطلع العام الجديد، أبت لندن أن تستمع بهذا الصفو المؤقت لتأتى أنباء تخلى الأمير هارى حفيد الملكة إليزابيث وزوجته ميجان ماركل عن واجباتهما الملكية وسعيهما للانتقال إلى أمريكا اللاتينية لتثير الجدل.
بطبيعة الحال، جذبت تلك الأنباء انتباه الجميع عادة أخبار العائلة الملكية البريطانية دائما. لكن بالنسبة لنساء مصر، خاصة الشابات منهن، لم يكن الأمر مجرد قضية عابرة، بل أخذت الكثيرات تنهيدة طويلة والبعض تحسرن على حالهن وهززن أكتافهن عجبا لهذا الرجل "هارى" الذى سار خلف زوجته "ميجان" وتخلى عن المكانة الذى يحلم الملايين بمثلها من أجلها، وأعلن استعداده صراحة لترك عائلته وثروته وبلاده كلها لمجرد أن يستمتع بحياة هادئة معها.
من منا، نحن النساء الشابات فى سن العشرينيات والثلاثينيات، ليست ميجان، من منا لا ترغب برجل مثل هارى، منذ البداية كانت نظرته الحالمة الرومانسية لها فى كل مناسبة سببا لمزيد من الإعجاب لهذا الأمير الوسيم، وتأمل بعض الفتيات الصغيرات بفارس أحلام مثله، يتحدى القواعد والبروتوكولات وهو سليل أسرة ملكية عريقة، ليتزوج ليس مجرد سيدة من العامة، بل هى ممثلة أمريكية، لا تحمل جنسيته، وسبق لها الزواج وتكبره سنا، كما أنها ليست بيضاء، مما أثار حفيظة بعض العنصريين من الإنجليز.
وفى الحكاوى المصرية الخالصة، فإن البعض الآخر من النساء، خاصة اللاتى فى مرحلة عمرية أكبر ولديهن شابا يافعا فى سن هارى وغالبا هو وحيدهن لم تنجبن غيره من الذكور، فاشتعلت فى قلوبهن نيران حقد على أمثال ميجان، تلك "القادرة" التى استطاعت "لف" الشاب الطيب الساذج، هكذا يرين هارى، وضحكت عليه وجعلته يتزوجها ثم الآن قررت إبعاده عن عائلته والانفراد به فى بلد أخر وبدء حياة جديدة معه.
واشتعلت السوشيال ميديا فى مصر على مدار الأيام الماضية بميمز تعكس آراء الفريقين، لكن بغض النظر عن السخرية والفكاهة فى الموضوع، هناك نقطة غائبة تتعلق بموقف هارى نفسه بعيدا عن ميجان. فالأمر لا يتعلق برومانسية الأمير نجل وريث العرش البريطانى، ولا بمدى حبه لميجان، وإنما يتعلق بسخطه على حياة الملكية برغم رفاهيتها، وكراهيته للقواعد التى أجبرته وهو طفل فى العاشرة من عمره أن يرتدى ملابسه الأنيقة ليسير صامدا خلف نعش والدته الأميرة ديانا بعد أن لقت مصرعها فى حادث سيارة، وأن يحبس الصغير دموعه أمام الكاميرات التى سارعت لتسجيل اللحظة. كما يتعلق باستيائه من القيود التى دمرت حياة والدته خلف أبواب القصور الملكية، ومن الإعلام الذى حرمها من حياة عادية هادئة بعدما ظل يطاردها حتى لحظاتها الأخيرة.
ذكريات الطفولة الصعبة التى ظلت تطارد هارى هى السبب الأول وراء ما حدث، ولم يكن دور ميجان سوى أنها أطلقت العنان لغضبه وسخطه ودفعته ليتخذ القرار الذى كان يدور فى ذهنه دائما، وشجعته حالة التربص الإعلامى بزوجته على المضى قدما فيما يريده، حيث رأى أن وسائل الإعلام تكاد تدمر حياتها مثلما فعلت مع والدته، فقرر الابتعاد.
فلو كن جميعنا مثل ميجان، نرغب برجل مثل هارى قادر على كسر القيود والقواعد ومواجهة التحديات من أجل زوجته، فليس الجميع مثل هارى عانى ما عانى، ومر بآلام فقد أقرب الناس. وليس الجميع مثل هارى أيضا فى رغبته ترك كل الرفاهية التى يتمتع بها ليعيش فى هدوء.