بالرغم من أن الرئيس التركى رجب أردوغان يرى تداعيات سياساته فى سوريا وليبيا، يصر على السير نحو فخاخ ينصبها لنفسه. وتبدو معركة ادلب فى سوريا واحدة من معارك النهايات للعثمانى، الذى أصبح يمثل أمير الإرهاب فى المنطقة بعد مقتل أبوبكر البغدادى.
أردوغان يمزق بيديه خطوط التحالفات والعلاقات، وقد ظن لوقت أنه يستطيع التلاعب بالتحالفات المتناقضة مرة مع أمريكا وأخرى مع روسيا. وتصور أنه يخدع روسيا بطلب تدخل الولايات المتحدة، ويحصل على منظومة دفاع جوى روسية، فقد وجه تهديدات إلى روسيا بعد دخول الجيش السورى إلى إدلب، وهو يعلم أن روسيا طرف فاعل فى المواجهة مع تنظيمات أردوغان هناك.
واشنطن بدت هى الأخرى تتخلى عن أردوغان، حيث أعلن مستشار الأمن القومى الأمريكى روبيرت أوبرايان: «لن نتدخل فى إدلب لحل مشاكل لم تكن من صنعنا ولن نرسل قوات فى تلك البيئة الفوضوية «إدلب»، وقال إن أمريكا لا تنوى لعب دور شرطى العالم».
قبل أسابيع هدد أردوغان، روسيا وسوريا معا بعدم التدخل فى إدلب، بينما تواصل قوات الجيش السورى وروسيا مواجهة التنظيمات الإرهابية التابعة لأردوغان الذى نسى تهديداته بعد أن بدا أن الولايات المتحدة تخلت عنه وتركته فى مواجهة مصيره.
واليوم يدفع الأتراك ثمن تحالف أردوغان مع الإرهاب والحرب بالوكالة لصالح أجهزة وقوى هى نفسها تخلت عنه، وهو ما أعلنه زعيم المعارضة التركية وحزب الشعب كمال كيليجدار أوغلو الذى هاجم أردوغان بسبب إدلب وقال «يجب أن يتخلى أردوغان عن دور المقاول لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد، نحن لا نريد الاقتتال مع أى أحد من جيرانيا، ولا نريد الدخول فى حرب بالوكالة، يدفع جنودنا الثمن.. لا نريد مزيدا من القتلى فى صفوف جنودنا، فى إشارة إلى الخسائر المتوالية بين صفوف الجيش التركى».
المعارضة داخل تركيا أصبحت تتزايد بعد انتشار أخبار عن الضربات التى يتلقاها حلفاء أردوغان وأيضا القوات التركية التى دفع بها أردوغان لإنقاذ ما تبقى من هيبته فى سوريا، فلم يعد يحظى بثقة أمريكا ولا روسيا ولا أوروبا، ولم يتبق له سوى إيران وقطر، الدوحة تمول مغامرات أردوغان قنوات الدعاية، وإيران تقف مع الأسد فى جهة، ومع أردوغان فى جهة أخرى، ضمن تحالف غامض ومتناقض، طهران تحاول كسر الحصار الأمريكى، وأردغان يعلم علاقات إيران مع الأسد، الأمر الذى يجعل تحالفهما هشا، قابلا للانفراط فى أى وقت.
اردوغان المتورط فى سوريا من عام 2011، يدعم كل أنواع التنظيمات الإرهابية، كانت تركيا ممرا لدخول وخروج الإرهابيين من كل دول العالم، وسط مزاعم أنه يدعم كفاح السعب السورى، بينما يساهم فى بناء الفوضى وداعش والقاعدة وتوابعهما، ويحاول نقل الإرهابيين إلى ليبيا وأفريقيا.
ونشرت الجارديان البريطانية مؤخرا خريطة تشرح كيف نقل أردوغان عناصر الإرهاب من سوريا إلى ليبيا ومالى وتشاد والنيجر. ضمن محاولة إنقاذ حلفائه المهزومين وإعادة انتشار الإرهاب، وهو دور لم يعد مناسبا لتوازنات القوة القائمة والتى يعاد تشكيلها، الأمر الذى يجعل أردوغان فى فخ تضيق حلقاته وينعكس على الاقتصاد والسياسة داخليا وخارجيا.