أدعو المصريون الشرفاء، إلى التسلّح بأدوات العقل والمنطق ونفتح حلقة نقاشية، حول تواتر الأحداث أمس الأول الخميس، بشكل لافت ودراماتيكى، دون تدخل منا فى تحديد مسار هذه الأحداث فى اتجاه بعينه، سواء مسار المؤامرة، أو أى مسارات أخرى.
نحن سنرصد لكم بالأدلة والتواريخ مشاهد حدثت أمس الأول الخميس، ونترك لكل المصريين الحكم، واستنباط الحقيقة، دون أى تدخل منا.
المشهد الأول: ظهر الخميس 21 إبريل فوجئنا بوكالة «رويترز»، تنقل عن مصادر أمنية لم تكشف عنها، مزاعم حول احتجاز الشرطة للطالب الإيطالى «ريجينى»، قبل مقتله، وقالت الوكالة، إنها حصلت على معلومات من 6 مصادر أمنية بجهات مختلفة، تؤكد أن ضباط شرطة بملابس مدنية بالقرب من محطة مترو «جمال عبد الناصر» بوسط القاهرة ألقوا القبض عليه مساء يوم 25 يناير الماضى، وتم نقله إلى قسم الأزبكية لمدة 30 دقيقة قبل نقله مرة ثانية إلى مقر الأمن الوطنى بـ«لاظوغلى»، طبعا وزارة الداخلية نفت هذا الخبر حملة وتفصيلا.
المشهد الثانى: فى نفس اليوم، الخميس 21 إبريل الساعة 8 مساء، عادت وكالة رويترز، لتبث خبر تؤكد فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية دعت إلى إجراء تحقيق شامل ومحايد فى وفاة الباحث الإيطالى جوليو ريجينى فى مصر، وقالت إنها أثارت القضية فى محادثات مع السلطات المصرية.
المشهد الثالث: وكالة رويترز التى بثت الخبرين السابقين فى نفس اليوم عن ريجينى منسوب لمصادر مجهلة عن القبض عليه وادعت نقله إلى قسم الأزبكية، تناست أنها بثت خبرا يوم 6 فبراير 2016 أى أكثر من شهرين ونصف، قالت فيه إن المخابرات وشخصيات نافذة فى النظام المصرى وراء مقتل «ريجينى»، وأنها نقلت الرواية عن عمر عفيفى، وألمحت فيه إلى أن قيادة بارزة بمديرية أمن الجيزة وراء مقتل الشاب الإيطالى بعد القبض عليه.
وهنا يقفز السؤال الجوهرى، هل ريجينى ألقى القبض عليه فى الجيزة وتم تعذيبه وقتله على يد قيادات بارزة فى مديرية أمن الجيزة، كما روجت رويترز، أم ألقى القبض عليه فى القاهرة وأحيل إلى قسم الأزبكية ومنها إلى لاظوغلى، كما روجت نفس الوكالة؟!
المشهد الرابع: موقع «ميدل إيست أى» نشر أيضا فى نفس اليوم، الخميس 21 إبريل خبر يؤكد فيه أن وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث البريطانية، أدرجت مصر لأول مرة كدولة مثيرة للقلق فى تقرير نشرته حول انتهاكات حقوق الإنسان، وقالت فى تقييمها السنوى لحقوق الإنسان حول العالم، إنه فى حين أن مصر أكملت المرحلة المؤسسية النهائية على خارطة الطريق لعملية الانتقال السياسى عام 2015، إلا أن وضع حقوق الإنسان لا يزال ضعيفًا ويواصل تدهوره.
ومن الأحداث التى أبزرها التقرير البريطانى، الحكم على 230 ناشطا فى فبراير الماضى بالسجن المؤبد فى محاكمة جماعية بشأن الاحتجاجات، والحكم بالإعدام على الرئيس السابق ممثل جماعة الإخوان «محمد مرسى» فى مايو الماضى، فضلًا عن تقارير بشأن حوادث تعذيب ووحشية الشرطة وحالات الاختفاء القسرى.
هنا نقف أمام ملاحظات مهمة تضمنها التقرير البريطانى، الملاحظة الأولى: تبنى التقرير الدفاع فقط عن النشطاء الحقوقيين، وجماعة الإخوان الإرهابية ورئيسهم المعزول محمد مرسى، الملاحظة الثانية: إثارة ما يسمى «الاختفاء القسرى، فى مصر، أما الملاحظة الثالثة والكاشفة هى، صمت الحكومة البريطانية، وتقرير وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث، حيال حادث مقتل بريطانية فى إسرائيل وأقاربها يتهمون الحكومة الإسرائيلية بإخفاء سبب الجريمة.
السيدة البريطانية تدعى جولى بيرسون، تبلغ من العمر 38 عاما، تم العثور على جثتها فى أحد الفنادق بمدينة إيلات، مشوهة، وأقاربها اتهموا الشرطة الإسرائيلية بإخفاء معلومات حساسة عن مقتلها، ومع ذلك لا وجدنا لندن تنتفض لمقتل أحد مواطنيها، ولا الإعلام من الجارديان إلى تلفزيون وإذاعة الـ«بى بى سى» تتحدث عن الحادث الدموى، ولا وجدنا أمريكا تنتفض، ولا ألمانيا تعترض، والأهم لم نجد نشطاء إسرائيليين يتهمون شرطتهم بقتل مواطنة بريطانية، ولم ينظموا وقفة أمام سفارة بريطانيا فى تل أبيب، ولم يرفعوا صورها فى وقفات احتجاجية.
وهنا نسأل عادى جدا، إشمعنى بريطانيا «سايبة» أحد مواطنيها مقتولا ومشوها فى إسرائيل، ولم يحرك لها ساكنا للدفاع عنه ثم تكرس جهودها فقط للدفاع عن مقتل ريجينى فى مصر؟
المشهد الخامس: تحركات حمدين صباحى وتأكيده على النزول الاثنين المقبل 25 إبريل، وبالتنسيق مع المخربين الأوائل، بجانب جماعة الإخوان الإرهابية، فى مظاهرات ظاهرها المطالبة بعودة تيران وصنافير، وباطنها كما رأينا وشاهدنا وسمعنا، إثارة الفوضى، من خلال ترديد هتاف يسقط يسقط حكم العسكر، وارحل، وتم رفع صورة الشاب الإيطالى «ريجينى».
هذه نماذج نضعها أمام المصريين، ونطلب منهم أن يسألوا أنفسهم سؤالا، هل هذه المشاهد طبيعية، ولماذا تتفرغ لندن ووسائل إعلامها للدفاع عن مقتل «ريجينى» فى القاهرة، وتركت «مواطنتها» التى قتلت فى إسرائيل دون أن تنبس بكلمة للدفاع عنها؟