أن تتحكم في شخص بتشكيل أفكاره وقناعاته، وتتحكم في آلاف العقول من حولك، وتصبح مع الوقت مرجعاً مهماً لمجال من المجالات لا يأتيك الباطل من بين يديك ولا من خلفك، حين تستقبل نظرات القداسة وتعلوك الهيبة من عيون المحيطين بك، أن تتسابق الجموع لتقبيل يدك والتمسح بردائك، أن تملك ناصية الشباب وتكون قادراً على اقناعهم بالموت منفجرين وهم مبتسمين، لابد أن يصيبك جنون السيطرة وتسعى لبذل كل ما تستطيع لتوسيع دائرة سيطرتك على من حولك.
تمطع الحويني فتقيأ اعتذارًا هزيلًا عن تصحيحه كلام مدسوس قد يكون تسبب في هلاك البشر والحجر، أو ساق آخرين إلى أحضان الحوريات بعد أن فجر نفسه في أبرياء.
الشيخ لم يقدم اعتذارا واضح المعالم عن فكر محدد، الشيخ تحدث عن بعض الأحاديث في أوائل كتبه فقط، ولم يعتذر عن ما خلفه من دمى في أيدي الجماعات المتطرفة ومن كتب ستعتبر بعد قرون من كتب التراث التي يستنبط منها المسلمين أحكام دينهم، وهي نفس الأزمة التي نعيشها الآن.
الشيخ المتربع على عرشه بين تلاميذه في الدوحة، لم يحدثنا عن ماهية الأحاديث التي يعتذر عنها، هل تتعلق بالجهاد، أم جواز أكل لحم الذمي المعاهد، أم لعن الزوجة التي ترفض أن تغتصب رغما عنها من زوج مختل نفسياً باسم الشرع.
أيعلم الحويني أن بتصحيحه حديث واحد غير صحيح، يعبث في ثاني أقدس مصادر التشريع، وهو مصدر يحتاج في الأساس إلى نهضة فكرية ترقع ما به من ثقوب نتيجة عبث أمثاله به، وأنتج أجيالاً نشرت الإسلاموفوبيا في العالم كله، وأن تصحيح حديث واحد بغير حق، كافي بأن يكب أمة كاملة على وجهها في الظلمات قرونًا.
أيدرك الحويني أن هناك من ألحد وكفر وترك حظيرة الإيمان، عن قناعة تامة، بسبب أحاديث الحجر الذي سرق ملابس النبي موسى وهرب بها وطاردته موسى، ليس لعله سوى أنه أمر رباني ليثبت لبني إسرائيل أن نبيهم ليس به عيب في خصيتيه، وآخر عن قيام نفس النبي بلطم وجه ملك الموت ففقأ عينه، أو حديث من اغتصب صبي لا يزوجن أمه (فيمن يلعب بالصبي إن أدخله فيه -يعني لاط به- فلا يتزوجن أمه) وغيرها من غرائب الأحاديث التي تخالف العقل والنقل والكتاب والإنسانية.
كم من حويني آخر تنطع علينا عشرات الأعوام، بخلق قنابل موقوتة من المتطرفين، ومن أصحاب العقول الهشة والشخصيات الانقيادية، وكم أخرج لنا من التشريعات المستندة على أحاديث غير صحيحة ومقطوعة النسب وتشوه في الإسلام والمسلمين وتجعلهم أضحوكة أمام العالم، وكم نحتاج من الوقت لمحو ما رسخوه من كتب وأفكار سيعاني منها البشرية على مدار قرون قادمة؟