يصعب علينا، فى اعتقادى، نسيان ما أعلنه مرشد الإخوان الراحل مهدى عاكف، قائلا: طظ فى مصر واللى فى مصر، أنا ما يهمنيش واحد ماليزى يحكمنى ما دام مسلم!!! وما قاله الرجل يعتبر استكمالا للخط الإخوانى المعروف لسيد قطب وهو من اعتبر أن الوطن ما هو إلا حفنة من التراب العفن؟!
أى أن الرمز الإخوانى الشهير، لا يكتفى باختصار الوطن فى مجرد «حفنة من التراب»، بل ويزيد من إيضاح موقف جماعته بوصف «العفن»، وتثبت التطورات التى زلزل بعضها الكثير من قيمنا المعروفة وعلى رأسها قيمة الوطن ومفهوم الانتماء له، وقد بدأت بخلط الدين بالسياسة، كان أحد محاورها بالنسبة للإمبراطورية البريطانية الغابرة، شعار، فرق تسد الذى ما إن فشلت فيه، إلا وتفتق ذهنها عن تشكيل جماعة الإخوان المسلمين، وكأن مصر لم تكن بلد الأزهر وأغلبية أبنائها الساحقة تدين بالإسلام..تاريخ الجماعة شاهد على منهجها الإرهابى، ولكن الأفدح كان اتخاذ الدين «جنسية» رغم اختلاف المناطق الجغرافية والأعراق والثقافات، فبدأ ظهور «الأمة الإسلامية»، وهو ما استندت عليه بريطانيا والصهيونية باختراع «الشعب اليهودى» وكأن الدين اليهودى «جنسية»، وهو ما روج، لمخطط إنشاء إسرائيل كوطن قومى «للشعب اليهودى»، علما بأن الاختلاف بين الذين هاجروا إلى فلسطين المحتلة كان لا يحتاج إلى دليل، فيهودى الدول الغربية وأوروبا الشرقية، كان مختلفا تماما عن اليهودى الإثيوبى مثلا، وللأسف سحبتنا القوى المعادية من ساحة الوطن والانتماء إليه إلى أرضية مناقضة تماما، كما عبر عنها مهدى عاكف، ومن ثم فرضت هذه القوى علينا الصمت حيال فرية الشعب اليهودى، وبالتالى أضعفت حججنا إزاء الخلط المغرض بين الوطن والعقيدة الدينية، إننا فى حاجة ملحة لاستعادة مفهوم الوطن كما عرفناه لآلاف السنين، والأخوة فى العقيدة الدينية لا تعنى أبدا الاشتراك فى الوطن، والاحتلال التركى الكريه الذى دللناه بعبارة الخلافة العثمانية، خير دليل على أن العقيدة الدينية ليست جنسية، فتركيا لم تدخل الاسلام قبل مصر وبقية الدول العربية التى احتلتها، وخطورة المتاهة التى تخلط عمدا بين الوطن والدين تقود إلى اختلاط المشاعر وفقدان البوصلة فى حالة التعرض لا قدر الله إلى عدوان دولة معظم أبنائها يدينون بالإسلام بينما لها أطماع اقتصادية وسياسية وغيرها، كما شاهدنا فى التجارب المحزنة فى سوريا وليبيا على أيدى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الذى انتابته لوثة استعماريةبدعوى استعادة «إرث أجداده»، أى العودة إلى احتلالنا!! فماذا يكون شعور الجندى العربى الذى تعلم أن الدفاع عن «الوطن» هو أقدس واجباته؟ من المسؤول عن حالة التمزق التى قد يجد نفسه غارقا فيها؟ وأظن أننا فى حاجة الى تفنيد ادعاءات اعداء مفهوم الوطن والمواطنة ودحضها بشجاعة، فالوطن هو الحضن والملاذ، وحماته خاصة قواته المسلحة وشرطته، لا يضنون بالتضحية حتى بالروح فى سبيل حمايته ومن ثم حمايتنا، الوطن هو الأرض التى نعيش عليها، أيا كان معتقدنا الدينى، لأن الدين لله والوطن للجميع، مسلم، مسيحى، يهودى، يعيش على أرضه وليس على أرض من يشاركه العقيدة الدينية، قد أعلنت مرة بعد كلام مهدى عاكف متسائلة: هل يسمح الماليزى بأن يقول أحد مواطنيه، طظ فى ماليزيا واللى فى ماليزيا، أنا ما يهمنيش واحد مصرى يحكمنى ما دام مسلم؟
نعم نحن فى حاجة ملحة وشجاعة فى مواجهة هذا الفكر الخيانى الذى لفرط خيانته، جعلنا لا نرفض أكذوبة، الشعب اليهودى!