قال عمر بن الخطاب، رضى الله عنه وأرضاه: (توشك القرى أن تخرب وهى عامرة.. قيل: وكيف تخرب وهى عامرة؟.. قال: إذا علا فجارُها أبرارها)، وتأسيسًا على هذه المقولة العبقرية للفاروق عمر، نؤكد أننا نعيش حاليا فى زمن الفُجر بكل أنواعه، سياسيًّا وأخلاقيًّا، ومحاولة الفُجار أن يعلوا فوق رقاب الأبرار الشرفاء، وتصدر المشهد، ونشر الفساد بكل مسمياته. وبالمناسبة (الفُجار) اسم معركة من المعارك التى دارت بين القبائل العربية فى الجاهلية، وكانت بين قبيلة (كنانة) ومنها قريش، وبين قبائل (قيس عيلان) ومنها هوازن وغطيف وسليم وثقيف، وسميت بالفُجار، لما استحل فيها من محارم بينهم فى الأشهر الحرم، من ترك الصلاة، وقطع صلة الأرحام، وانتشار التبجح والطمع. وفُجار زمننا هذا استباحوا عرض الوطن وشرفه، من خلال تلقى التمويلات لإثارة الفوضى، وإسقاطه، وتقسيمه إلى كانتونات، ومن المعلوم بالضرورة أن التمويلات تتضاعف وتترعرع فى بيئة الفوضى والحروب والانفلات الأمنى، وغياب دولة القانون، لذلك فإن تكالب نشطاء السبوبة على الدعوة لمظاهرات غد الاثنين 25 إبريل، ومن قبلها العشرات من نفس الدعوات الهادفة لنشر الفوضى، وإسقاط الأجهزة الأمنية، التى تمثل حائطا مانعا لدخول التمويلات للبلاد، حتى تخلو لهم الساحة، لا قانون، ولا رقيب، فتزدهر حركة التمويلات، والدليل أن عدد الجمعيات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدنى قبل ثورة 25 يناير لم يتجاوز 27 ألف جمعية، وبعد الثورة مباشرة قفز العدد إلى أكثر من 47 ألف جمعية، تلقت تمويلات ما لا يقل عن 14 مليار دولار، وهو المبلغ الذى أمكن حصره، وهناك معلومات تؤكد أنها ضعف هذا الرقم.
الفوضى، وإسقاط الأنظمة، وتفكيك الأجهزة الأمنية، ساحة رائعة للخونة لتلقى الأموال من كل حدب وصوب، وكلما زادت الفوضى وعمت البلاد من أقصاها إلى أقصاها، زاد حجم التمويل من الخارج، وزادت رقعة الخيانة، وترسخت أعمال الجاسوسية، وهى معادلة حقيرة، يتم فيها بيع أمن وأمان واستقرار الأوطان، باليورو والدولار، ثم وبمنتهى الفُجر يقولون لك إنهم يرفضون التنازل عن صنافير وتيران.
سيناريو مسلسل الجماعات والحركات والتنظيمات الإرهابية والفوضوية بجانب نشطاء السبوبة، ودكاكين حقوق الإنسان، مستمر فى عرض مشاهده بكل قوة، ويتخذ أشكالا متعددة، دون يأس أو إحباط، بداية من الدعوة للمشاركة فى مظاهرات أكبر خديعة ممنهجة تعرضت لها مصر عبر عصورها المختلفة يوم 25 يناير 2011، وهو اليوم الذى دشن إسقاط مصر، وحتى الدعوة لمظاهرات غد الاثنين 25 إبريل 2016.
الخديعة الممنهجة بدأت بشن أكبر حملة تشويه للشرفاء، وسار خلفهم البسطاء، فوجدنا بعد الاستفاقة من حالة التخدير والتنويم المغناطيسى التى تعرض لها الشعب المصرى أن العالم يثق فى هؤلاء الذين تم اغتيال سمعتهم وشوهوا صورتهم وسيرتهم أمام أسرهم، فأصبح الدكتور يوسف بطرس غالى منقذ الدول من الانهيار والإفلاس، من أنجولا ونيجيريا إلى اليونان، والدكتور محمود محيى الدين الرجل الثانى فى صندوق إدارة اقتصاد العالم.
واستمر نشطاء السبوبة، ومن قبلهم جماعة الإخوان الإرهابية، فى عملية التنويم المغناطيسى للبسطاء، بالترتيب المستمر لمؤامرة تعجيز مصر وإفشالها بكل الخسة والنذالة والحقارة، مستخدمين من وسائل الدعاية السوداء نهجًا، والعبث فى ملف علاقات مصر مع أشقائها خاصة دول الخليج بتسريبات مزعومة، وتأليب كل دول العالم ضدها بتقارير مزورة، والتشكيك الدائم فى قدرة الإدارة على حسم كثير من الملفات المهمة والقدرة على مواجهة المشكلات العاتية، واللعب فى ملف الدولار، والإرهاب فى سيناء، وبث الفتنة والفرقة بين أطياف المجتمع، والترويج المنحط حول وجود انقسامات فى الجيش والشرطة. وأستعير رد الاستاذ خالد صلاح، رئيس تحرير «انفراد»، على كل هذه المحاولات التعجيزية الفاشلة عندما قال: (نحن آمنون وهم خائفون إلى الأبد، والدولار ارتفع لكن كل شىء فى مكانه: الكهرباء، المترو، النقل العام، السكك الحديدية، الأسعار للبسطاء، المدارس، الأمن، المشروعات الجديدة، والأمل).
وفى النهاية، أسأل شرفاء هذا الوطن: هل تقبلون خداعكم والضحك عليكم وتنويمكم مغاطيسيا من جديد لتدفعوا ثمن أمنكم واستقرار بلادكم وانهيار أرزاقكم مثلما حدث فى قطاعات السياحة والصناعة من جديد؟