«فى يديك أستودع روحى»، كانت هذه هى آخر كلمات عيسى كما تذكر الأناجيل، لكن قبل الوصول إلى هذه الصورة النهائية حدثت الكثير من الأمور التى صنعت نوعا من التوتر، لكن وحده المسيح كانت روحه مطمئنة بإيمانه، فالكهنة والتلاميذ ورجال السياسة والقادة ويهوذا كانوا فى موقف صعب لا يحسدون عليه، لأنه فى هذا اليوم تم تسليم المسيح والقبض عليه ومحاكمته وتنفيذ الحكم.
«يا صاحب لماذا جئت» هكذا خاطب المسيح «يهوذا» عندما وجده داخلا عليه بين الجنود الرومانيين، لكن يبدو أن هذه الجملة لم تكن كافية ليرتدع الخائن الذى قام بتقبيل «السيد» حتى يعرفه الجنود الرومان الذين كانوا يجهلونه، وكانت حجة اليهود التى قدموها للحاكم الرومانى «بيلاطس» أن المسيح مقاوم لقيصر، لذلك أرسل بيلاطس عددا كبير من الجند كى يحضروا «المشاغب» الذى يثير الفتنة.
وعندما وقف المسيح أمام الوالى الذى سأله: أأنت ملك اليهود؟ رد عيسى: أنت الذى تقول، وكان الوالى معتادا فى العيد أن يطلق أسيرا يطلبه الناس، وكان لهم حينئذ أسير مشهور يسمى باراباس، ففيما هم مجتمعون قال لهم الوالى بيلاطس: من تريدون أن أطلق لكم؟ باراباس أم يسوع الذى يدعى المسيح، لأنه علم أنهم أسلموه حسدا، لكن رؤساء الكهنة والشيوخ حرضوا الجموع على أن يطلبوا باراباس ويهلكوا يسوع، فأجاب الوالى: مَن مِن الاثنين تريدون أن أطلق لكم؟ فقالوا: باراباس، قال لهم بيلاطس: فماذا أفعل بيسوع الذى يدعى المسيح؟ قال له الجميع: ليصلب، فقال الوالى: وأى شر عمل؟ فكانوا يزدادون صراخا قائلين: ليصلب، فلما رأى بيلاطس أنه لا ينفع شيئا، أخذ ماء وغسل يديه قدام الجمع قائلا: إننى برىء من دم هذا البار أبصروا أنتم، فأجاب جميع الشعب وقالوا: دمه علينا وعلى أولادنا.
ودفع المسيح ثمن التعنت اليهودى والإنكار والجهل، هذا على الرغم من كون عيسى جاء ليقول رسالة ممتلئة بالحب لهذا العالم ولهذه الأرض، لكنهم بتفكيرهم المادى كانوا يعرفون أنه سيقضى على الكثير من مساوئهم لذا تحدوه وباعوه لأعداء الأرض وزايدوا عليه وتحملوا دمه.
وفى هذا اليوم الحزين ورغم مرور هذه السنوات الطويلة على هذا اليوم الأسود ما زال المصريون فى القرى البعيدة يتذكرون هذا الفعل الشائن لليهود والرومان، لذا هم بعد أذان الفجر يحملون الخبز المصنوع من القمح، ويسعون للمقابر لزيارة الموتى، وتقرع الكنيسة أجراسها الحزينة، إعلانا على أنه فى ذلك اليوم مات السيد المسيح على صليبه.