فى الوقت الذى نتحدث فيه عن دور السينما وأهميتها فى تنمية الوعى باعتبارها أحد مظاهر القوى الناعمة المؤثرة لمصر فى الداخل والخارج، لما لها من دور فاعل فى تكوين صورة ذهنية مختلفة عن مصر، خاصة في ظل ما تقدمه الحكومة من دعم لقطاع السياحة، مازال هناك من يرى أن السينما "إشغال طريق"، ويجب أن تعامل مثل ثلاجة المشروبات الغازية الموجودة على الرصيف، أو كرتونة الشيبسى التى يضعها صاحب الكشك على حافة الرصيف، أو تروسيكل "الموز" الذى يمتكله البائع المتجول وسرعان ما يدخل به إلى الشوارع الخلفية بمجرد رؤية سيارة الحى.
لا تتعجب من كل ما سبق، فهذا ما يفعله حى الدقى، فى محافظة الجيزة، فقد منع تصوير أحد الأفلام بطولة الفنان تامر حسنى، وسوسن بدر، وآخرين، يوم الجمعة الماضى، بدعوى إشغال الطريق وعدم الحصول على ترخيص من الحى، ولم يتم الإفراج عن معدات الإنتاج، إلا بعد دفع غرامة بمبلغ 30 ألف جنيه لخزينة الحى، ولك أن تتخيل أنه في الوقت الذى تفتح كل الدول مزاراتها وأماكنها السياحية وشوارعها للتصوير، ولنا فى بلاد شمال إفريقيا عبرة، " المغرب وتونس والجزائر" كنوع من التنشيط السياحى والثقافى دون قيود أو شروط، نجد سلسلة من التعقيد والبيروقراطية تتمثل فى عشرات الموافقات، آخرهم " الحى"، الذى لم نسمع أبدا أن مسئوليته تحرير محاضر لشركات الإنتاج السينمائى ووقف تصوير الأفلام والمسلسلات.
المفاجأة أن رئيس الحى نفسه اعترف أن شركة الإنتاج تقدمت بطلب للموافقة على التصوير، إلا أنه أكد أن الشركة لم تدفع الرسوم، دون أن يذكر سبب عدم الدفع، هل لم يكن لدى الحى "إيصال" بالمبلغ المطلوب، أو عدم امتلاك ماكينة دفع إلكترونى، أو أن الأمر كان "فخا" حتى يتم مباغتة فريق الإنتاج ليدفعوا الغرامة "30 ألف جنيه"، وبالطبع قيمة الغرامة أكبر بكثير من قيمة التصريح!!
المضحك والمثير للسخرية أن رجال حى الدقى بعدما توقف التصوير وسحبوا المعدات، اتجهوا لالتقاط الصور من الفنان تامر حسنى، على طريقة " ينعى ولده ويصلح ساعات، وصورة جميلة قد نستخدمها لبروفايل الفيس بوك أو انستجرام ومافيش حاجة هتخسر"، فى مشهد يؤكد أن " الشو" سيد الموقف، وأن القانون نفعله وقتما نشاء ونضعه فى الدرج أيضا وقتما نشاء.
السؤال: هل انتهت كل مشاكل حى الدقى، الذى تعانى أغلب شوارعه الجانبية من الحفر والتكسير، حتى يلهث المسئولون فيه خلف مطاردة سيارات شركات الإنتاج السينمائى؟ وهل نجح فى إنهاء مظاهر العشوائية الموجودة فى محيط محطة مترو البحوث من الباعة الجائلين والإشغالات والفوضى، ليتفرغ رجاله لالتقاط الصور مع النجوم والفنانين بعد توقيع المخالفات عليهم؟! أم أن العمل على الأرض والجهد الحقيقى لخدمة الناس يغيب عن الحى ومن فيه.
اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة، رجل جاد وحازم ولا يعرف الشو أو التسويق الدعائى، ولا يسعى سوى للعمل وخدمة الناس، إلا أنه يجب أن يوجه رؤساء الأحياء، إلى العمل الحقيقى وخدمة الناس بدلا من مطاردة شركات الإنتاج السينمائى وتكسير الأرصفة، والسعى إلى تحرير المخالفة قبل علاج المشكلة، فالهدف الحل، وأدعوك سيادة اللواء إلى إجراء تفتيشات مالية عاجلة على كل الأحياء، حتى تتأكد أن كل ما يتم يسير في إطار قانونى ويورد لخزينة الحى أو المحافظة أو كما يخبرنا القانون.