ما كشفه البروفيسور حسن حماد أستاذ الفلسفة أثناء مناقشة رسالة دكتوراه عن فلسفة اللاهوتي السويسرى هانس كونج الأستاذ بجامعة توبنجن الألمانية بعنوان: (صورة الطبيعة البشرية بين الأديان الإبراهيمية عند هانس كونج)، من انتماء مترجم أعمال كونج إلى الإسلام السياسي، مما جعله غير محايد في ترجماته، أمر خطير يستحق التوقف عنده، لمعرفة مدى تغلغل أنصار تسييس الإسلام في المجتمعات الأوروبية في صورة الباحث والناشط والمترجم والصحفي والمدرس ورجل الأعمال.
يرى الدكتور حماد، أن الباحثة هيام عبد العزيز الحشاش ظلمت كونج، بالنقل عن مترجم ينتمي للإسلام السياسي جعل من أستاذ اللاهوت الكاثوليكي مستشار المجمع الفاتيكان الثاني(1962-1965) الباحث عن الأخلاق المشتركة بين الديانات التوحيدية وغير التوحيدية، "الشيخ كونج" نصير الإسلام، وهذا غير حقيقي، يوظف البحث العلمي لخدمة الإسلام السياسي حتى أن أحد هؤلاء ومنهم المنظر الإخواني دكتور راغب السرجاني تحدث عن إسلام هانس كونج، لمجرد اختلاف كونج مع الكنيسة الكاثوليكية في قضيتي عصمة البابا وعذرية مريم، وهكذا تحول البحث العلمي إلى كلام مرسل وانطباعات شخصية دون قراءة تاريخية وفلسفية ومعرفية لأعمال لاهوتي وعالم بارز. الوقائع التي ذكرها حسن حماد تكشف كيف تسلل أنصار الإسلام السياسي إلى المجتمعات الأوروبية حاملين أكثر من قناع زائف، لضمان وجودهم بقوة داخل تلك المجتمعات، وفي الأوساط التي ترتبط بالجماهير من مساجد ومدارس وجامعات و متاجر وغيرها، وهذه الأقنعة تطبيقا.
يشير إين جونسون في كتابه" مسجد في ميونخ"، كيف قسم الإسلام السياسي العالم إلى من ونحن، وكيف تحول مسلمو ميونخ على يد الإخوان المسلمين إلى نظام فكري شديد العنف بالغ التسييس، بعيدا عن الإسلام كدين سمح، تلك الجماعة التي جعلت المسجد خلية لتحقيق أهدافها الخبيثة في داخل المجتمع الألماني، نحو أسلمته. أما الكاتب الفرنسي محمد سيفاوي فيشير في كتابه (التقية: كيف تريد جماعة الإخوان المسلمين التسلل إلى فرنسا؟) إلى أن تنظيم الإخوان يعمل على نحو خادع، للتأثير على القرارات السياسية”، من خلال النفاق والتلون الباهت والتقرب من السياسيين، والمسئولين المنتخبين في المجالس البلدية؛ في سبيل تحقيق أهدافهم نحو أسلمة المجتمعات الأوروبية. لقد استغل الإسلام السياسي قضايا العنصرية والإسلاموفوبيا واللجوء والهجرة لصالح أهدافهم، فخرجت دراسات وأبحاث ومقالات ليست موضوعية بقدر ما تحمل أهدافا مبطنة ومزايدات، وابتزازا لسياسيين، ليس دفاعا عن قضايا المسلمين في أوروبا، بل بحثا عن المزيد من النفوذ وإحكام السيطرة علي المجتمعات الإسلامية في أوروبا، وكان للعب دور المظلومية والضحية بشكل دائم ومراوغ، تأثيره الكبير على امن وسلامة تلك المجتمعات، فكلما شددت الحكومات الغربية من المتابعة والرقابة الأمنية والسياسية على الجمعيات والمراكز الإسلامية، وكشفت تلاعب مالي أو فساد إداري أو شبهات غسيل أموال من دول سخية العطاء للإسلام السياسي، تعالت الأصوات اين حقوق الإنسان والحريات العامة والديمقراطية؟ إنها المعايير المزدوجة والتلون الباهت الذي يجيده أنصار الإسلام السياسي، الذين لا توجد داخل جمعياتهم وتنظيماتهم انتخابات داخلية ولا لوائح ديمقراطية ولا تداول سلمي للسلطة، فبأي وجه وقناع يتلونون ويخدعون مجتمعاتهم الجديدة في أوروبا، كما نشروا الكذب والخداع في مجتمعاتهم القديمة العربية والإسلامية؟.