كانت مصر تعيش حالة من البهجة بالصعود لكأس العالم بعد سنوات من الانتظار، والخروج في الأمتار الأخيرة، بينما كان اللاعبون يمنون النفس بالانضمام لقائمة الفراعنة في هذا الحدث العالمي الكبير، بل الأمنية الأهم في تاريخ أي لاعب كرة في العالم.
أعلن الأرجنتيني هيكتور كوبر، المدير الفني لمنتخب مصر آنذاك القائمة النهائية التي ستصل للمجد في روسيا، وتلعب في كأس العالم، وتعرضت هذه القائمة لانتقادات حادة، بسبب خلوها من بعض اللاعبين المميزين، كان ضمن هؤلاء المميزين المظلومين، وليد سليمان، ومؤمن زكريا.
الذكريات التي كانت تجمعنا بهذه المواقف، والتصرفات المتوقعة من اللاعبين الذين يتعرضون للظلم في هذه القوائم كانت سلبية، خاصة عندما يجمع الخبراء والنقاد والرياضيين والجماهير على تعرض هذا اللاعب أو ذاك للظلم، وقتها دائما ما كان يخرج اللاعب ليوجه بعض الهجوم لمن ظلمه في الاختيارات، مستغلاً حالة التعاطف الجماهيري معه، وإجماع الآراء على أنه تعرض للظلم.
رائحة باسم مرسي تلوح في الأفق، والجملة الشهيرة "مش متابع"، والتي كانت رداً على سؤال بشأن رأيه في مستوى منتخب مصر في كأس الأمم الأفريقية 2017، وكان باسم أحد أفراده، قبل أن يتمرد على مدربه خلال مباراة غانا بتصفيات كأس العالم 2018 في القاهرة، وهو التمرد الذي عوقب عليه بالاستبعاد من صفوف المنتخب الوطني، ومن ثم كنا قد تعودنا على حجم ومستوى باسم مرسي في التفكير، وانتظرنا من اللاعبين المظلومين المزيد من الهجوم على المنتخب، بسبب مصلحتهم الشخصية، وباتت الأجواء مهيأة تماماً لمزيد من التوتر قبل الحدث العالمي، مع عدم وجود أي أمل في لاعب كبير، شكلاً وموضوعاً، وأخلاقاً، وعلماً، ونبلاً، يفضل المصلحة العامة على مجده الشخصي، بل ويؤازر من يرى أنهم خطفوا مكانه الذي يستحقه... وهنا ظهر مؤمن زكريا.
"نثق بكم"... كلمتان كتبهما مؤمن زكريا لزملائه، قبل السفر إلى روسيا، لم أكن حتى ذلك الحين أعرف عن مؤمن زكريا أبعد من مستواه الفني في كرة القدم، ولم أكن قد تعرفت بعد على معدن هذا الإنسان، وثقافته، ونبله، وأخلاقه، نظافة قلبه، غير أن هذه الجملة قليلة الكلام، كثيرة المضمون، جعلتني أعرف كيف أن هذا الرجل نبيلاً، وكيف أن هذا اللاعب مثقفاً وخلوقاً، ويحمل قلباً نظيفاً، خالياً من أي أحقاد، ذلك أننا كنا قد توقفنا عند حجم باسم مرسي، غير المتابع، وتعودنا على هذه النسخة من اللاعبين.
اليوم يلعب الأهلي والزمالك مباراة القمة، ومؤمن زكريا خارج الحسابات، لتمكن المرض منه، ومن العدل والإنصاف والأخلاق، أن يكون مؤمن زكريا داخل قلوبنا، وقلوب كل لاعبي الكرة، وأتمنى لو أن لاعبي الفرق المختلفة بالدوري ساهموا في رفع معنويات مؤمن، وكل لاعب ذهب لروسيا في كأس العالم، وجه رسالة تضامن مع مؤمن زكريا، ورد الجميع له حسن خلقه في التعامل مع كأس العالم، وجميل قلبه عند استبعاده.
عند الذين أحبهم لا أجيد ترتيب الحديث، ودائماً أرى الجمل الارتجالية أكثر صدقاً، كوني أرى كلامي عنهم أشبه بالدعوات لهم، وليس مجرد حديثاُ عن أحباء، وأشهد الله أني قد أحببت مؤمن زكريا منذ جملة الدعم لمجموعة كأس العالم، لذا لن أرتب حديثي الحبيب المؤمن زكريا، وأكتفي بالدعاء، وأسأل الله أن يشفيه ويعافيه، ويعيده لهوايته، ويعيدنا لمشاهدته، ويجعله في قلوبنا، حاضراً رغم الغياب.
وبذات الكلمتين التي وجههما مؤمن زكريا لزملائه، رغم الظلم، أوجههما للمؤمن زكريا، وأطالبه أن يقوى على المرض... انهض يا مؤمن... نثق بك.