مواقع السلفية تخرب العقول وتشعل الفتنة
لا أدرى كيف تسعى الدولة لاقتلاع جذور التطرف والغلو، وتكتفى بمواجهة الإرهابيين الذين يرفعون عليها السلاح فقط، بينما الإرهابيون الذين يستقطبون الشباب فى المساجد الضرار يمرحون فى الأرض، والإرهابيون الذين يسممون العقول بفتاوى التخلف العقلى يستخرجون تصاريح الخطابة على المنابر، ويتيهون بأفكارهم وفتاويهم على المواقع الإلكترونية، كيف تقتلع الدولة جذور التطرف ومواقع الجبهة السلفية والدعوة السلفية مشرعة على أدمغتنا، وسيول الفتاوى المتخلفة توهم الشباب والفتيات بأن ما تثيره هو صحيح الدين، وما يجب أن ننشغل به فى اللحظة الراهنة!! ولكم أن تتأملوا فيما تثيره فتاوى ياسر برهامى القيادى فى الدعوة السلفية، لتعرفوا مقدار التفاهة التى انحدر إليها الشاغل الدينى فى أذهان من يسمون بالسلفيين، ومقدار ما نحياه من كوميديا سوداء، باعتبار أمثال ياسر برهامى شيوخا يسمح لهم الأزهر والأوقاف باعتلاء المنابر والخطابة فى الناس.
هذا البرهامى، سأله مواطن سليم النية عن أقارب له فى كندا، أحرق اليمينيون المتطرفون مسجدهم فاستضافهم اليهود والمسيحيون ليقيموا صلاة الجمعة فى معابدهم وكنائسهم، تضامنا معهم ورفضا للتمييز والعنف ضد أى طائفة، المواطن سأل برهامى عن جواز صلاة الجمعة عند الضرورة فى المعابد والكنائس، فما كان من برهامى إلا أن أقر ذلك على مضض منه، ونصح المواطن بأن يصلى أقاربه الجمعة فى بيت أحدهم، لأن الصلاة فى المنزل أفضل من الصلاة فى دار الشرك! أهذا ما تعلمه للناس يا برهامى؟ أن يردوا الإحسان بالإساءة، وأن يقابلوا محاولات التضامن معهم بالعزلة؟ تعرفون الآن لماذا يوجد التطرف داخل البذرة السلفية، لأنهم حديون حرفيون غير قابلين للفهم ولا الاجتهاد ولا التفكير، إما أن يفرضوا تفسيرهم الحرفى للدين ولسائر أمور الدنيا أو ينعزلوا فى جيتو ليشكلوا التنظيمات المسلحة التى تسعى فى النهاية إلى فرض أفكارهم بالقوة، كما رأينا من داعش وجبهة النصرة ولواء الإسلام وأنصار بيت المقدس والجهاد وغيرها من مسميات جماعات القتل والخراب.
لا يتوقف برهامى عند الفتاوى التى تثير الفتنة وتحض على الغلو، بل يتجاوزها إلى تسفيه أحلام الناس وحصر المسائل الدينية فى مسائل من نوعية هل يجوز للمرأة أن ترتدى الصندل المكشوف والبدى والاسترتش؟ وهل يجوز لها أن تمتنع عن العلاقة الحميمة مع زوجها حال تعاطيه الفياجرا، أو إذا لم تكن فى مزاج رائق؟ وهل يتحتم على المرأة إذا ركبت توك توك وكان السائق يستمع للأغنيات والمعازف أن تطلب منه وقف ما يستمع إليه؟
يستفيض برهامى فى الإجابة عن مثل هذه الأسئلة التافهة التى ترد إليه على موقعه «أنا السلفى»، بدلا من أن يأخذ بأيدى الناس إلى ما ينفعهم حقا، وقد يقول أحدهم مدافعا عن هذا البرهامى، إنه لا ذنب له فى الأسئلة وهذا هو مستوى تفكير الناس كيف يغيره؟ ونقول ردا على هذا التبرير: إن برهامى من الممكن أن يعيد الناس إلى قاعدة «الحلال بين والحرام بين»، وأن يكتب المقالات التى تحض الناس على العمل والتفكير والاجتهاد فى شتى أمور الدنيا والدين، لكنه لا يفعل مطلقا لأنه لو فعل لن يكون سلفيا ولا قياديا فى الدعوة السلفية.
الأسئلة التافهة التى يتلقاها برهامى وسواه ممن يسمون بشيوخ السلفية، هى أسئلة كاشفة لمدى إجرامهم فى حق كثير من الشباب الذين أصيبوا بمرض التخلف والتشدد هروبا من مجاهدة الواقع لتغييره وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، كما أن برهامى وأمثاله لا يريدون إلا أتباعا تافهين ضيقى الأفق، لا يفكرون إلا فى قشور الدين وفى المرأة كمتاع ويحركهم الكبت فى كل ما يتخذونه من قرارات ومواقف، ولن يتقدم مجتمعنا إلا بالضرب على أيدى أمثال برهامى ومنعه من تسميم أفكار الناس، مثلما يتم الضرب على رؤوس الإرهابيين من الإخوان الكاذبين والجماعات الضالة المتحالفة معهم، والله أعلم.