فى الوقت الذى كان فيه «السيسى» فى قلب الصعيد يدشن للبناء..حمدين يعتصم لتدشين الخراب
مشهدان معبّران، شارحان، واضحان، لا يحتاجان إلى علماء وخبراء لتفسيرهما، الأول، الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قلب صعيد مصر، أسيوط، يفتتح مشروعات الخير والرخاء للبلاد والعباد، ويطلق مبادرة سياسية تصبح حديث العالم عن ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية ووضع نهاية لأطول، وأشرس صراع فى التاريخ الحديث لمنطقة الشرق الأوسط.
الثانى، الناشط الناصرى حمدين صباحى، يصطحب القيادى الإخوانى البارز عبدالمنعم أبوالفتوح، والمتعاطف الأشهر الحقوقى خالد على، الشهير بـ«خالد تايتانك»، وكل «نحانيح اتحاد ملاك ثورة يناير»، للذهاب معاً لمحكمة مجلس الدولة لحضور وقائع قضية رفض إعادة جزيرتى تيران وصنافير لأصحابهما، ثم قرار الاعتصام بمقر حزب الكرامة.
حمدين صباحى الوحيد فى مصر الذى لا يتمتع بعين جواهرجى يستطيع أن يفرز المعادن النفيسة من الفالصو من أول نظرة، ولا الغث من الثمين، ولا الفرق بين الهتافات المخربة والكارثية من عينة «يسقط يسقط حكم العسكر»، وأفكار ونوايا الجماعات الإرهابية، والحركات الفوضوية، وبين من يبنى ويعمر، ويعيد البلاد إلى حضن الأمن والاستقرار والازدهار.
حمدين صباحى الوحيد فى مصر الذى يرتدى عباءة الزعامة السياسية والتاريخية، والمشتاق لأى منصب والسلام، ومع ذلك يفتقد إلى حد القحط، لتقديرات الموقف، والقراءة المتأنية الرصينة للمشهد فى الداخل وما يدور على حدود مصر، ويتأثر بهتافات عشرة أفراد، ويعتبرهم أنهم يمثلون الإجماع الشعبى.
حمدين صباحى الوحيد الذى يتخذ من الراحل العظيم جمال عبدالناصر المثل والقدوة، ومع ذلك يرتمى فى حضن جماعة الإخوان الإرهابية، ويسير عكس اهتمامات الإجماع الشعبى، ويسير أيضا على نفس نهج وخطى المجموعات الفوضوية المحيطة به، والمعتصمة معه حالياً فى حزب الكرامة، فزرعوا له كراهية بين جموع الشعب، بما لم يسبق لها مثيل مع أى سياسى يخطب ود الشعب عبر تاريخ مصر، ورغم ذلك يستمع لنصائحهم ويسكر دون خمر من هتافاتهم له، حمدين صباحى الوحيد الذى حصل على أصوات أقل من الأصوات الباطلة فى أى سباق انتخابى فى العالم، ومع ذلك يخرج متحدثاً باسم الشعب، ومهدداً الذى سحقه فى الانتخابات سحقاً، وفاز عليه بالقاضية من أول لكمة!
حمدين صباحى، الرجل الذى ارتمى فى أحضان صدام حسين ومعمر القذافى وحافظ الأسد ومن بعده بشار الأسد، ثم يتحدث بمنتهى غلظ العين، عن الحرية والديمقراطية، وأن حسنى مبارك كان طاغية، والرئيس السيسى ديكتاتورى، بالله عليكم جميعاً كيف نصدق هذا الرجل؟
حمدين صباحى الوحيد الذى أسس كياناتٍ إعلامية، وأحزاباً ومنظمات وحركات سياسية، جميعها سجلت مجداً مدهشاً فى الفشل، وكان آخرها حزب الكرامة الذى يعتصم بداخله، وهو الحزب الذى لا يوجد له أى تمثيل برلمانى، للقياس على شعبيته، كما أسس جريدة الكرامة التى فشلت حتى فى التوزيع «المجانى»، ورغم كل هذا الفشل الساحق الماحق، يبحث عن رئاسة مصر، ويضع نفسه فى موضع الخبير السياسى «المثمن والمقيم» لإنجازات وإخفاقات السلطة، وكل المسؤولين عن هذا الوطن.
حمدين صباحى، ينتفض ويقود أى حراك فوضوى، أو مظاهرات خارجة عن نسق القانون بهدف توظيفها سياسياً لمصلحته الشخصية، وكان آخرها عندما قاد مجلس نقابة الصحفيين لإصدار بيان الأربعاء الأسود الذى استعدى فيه كل مؤسسات الدولة، والشعب معاً، وربما البعض قد يفسر أن حمدين صباحى قاد النقابة من باب الدفاع عن الحريات، وهو أمر مردود عليه، بأنه وللأسف الشديد، أن الرجل قاد النقابة للدفاع عن عمرو بدر، ومحمود السقا، لأنهما أبرز رجاله الداعمين له، وأعضاء حملته الانتخابية واللذين أسسا حركة بداية المحظورة بحكم المحكمة.
من النقطة الأخيرة، يتضح سبب غضب حمدين صباحى وسخطه، وأنه ليس دفاعا عن الجماعة الصحفية كما يدعى، أو يشيع أتباعه، ولا كون أن جزيرتى تيران وصنافير مصريتين أو سعوديتين، وإنما الهدف الأسمى هو توظيف أية أحداث لخدمة مصلحته الشخصية، بجانب دفاعه عن رجاله الذين يتقيئون كراهية لمصر ونظامها وشعبها.
يا حمدين، سِر على بركة الله فى حصد المزيد مع مرور كل دقيقة وساعة، من سخط وغضب وكراهية الشعب ضدك، وصدقنى لو كل أعدائك وضعوا خطة استراتيجية لتشويه صورتك فى الشارع، ما نجحوا فيما نجحت فيه أنت بمواقفك وتصرفاتك حيال كل القضايا التى تهدد البلاد!