إن سألت معظم الناس عن قوانين الحياة سيجبون بأنها معقدة، متشابكة، تؤمن بالأخذ كثيرًا والعطاء قليلًا، تدافع عن اللاعبين بالبيضة والحجر، وتمنح مساحة أكبر للقادرين على استنزاف الأمور حتى آخر قطرة.
والواقع يؤكد هذه الرؤية، ومع الوقت بدأنا نتعامل على أساس أن هذا هو الطبيعى، ولكن كل فترة يحدث تصرف ما يعيدنا إلى صوابنا، ومن ذلك ما فعله الشيخ سلطان القاسمى، حاكم الشارقة.
تقام، هذه الأيام فعاليات معرض الشارقة، التى يحسب لها إصرارها على تقديم الدورة التاسعة والثلاثين من المعرض، وسط انتشار فيروس كورونا فى العالم، متخذة الاحتياطات اللازمة، لكن الخبر اللافت للنظر فى هذه الدورة هو أن الشيخ سلطان القاسمى، حاكم الشارقة، وجه بإعفاء جميع دور النشر المشاركة فى الدورة الحالية لمعرض الشارقة للكتاب من رسوم إيجارات الأجنحة، وتبلغ القيمة نحو 6 ملايين درهم.
هذا القرار المهم، يكشف عن وجهين مهمين، الأول يتعلق بالتضامن مع دور النشر فى هذه الفترة الخطيرة التى عانت فيها الدور بسبب كورونا وتوقف معارض الكتب سواء بالتأجيل أو حتى إقامتها افتراضيا، وبالتالى انعكس كل ذلك على النشر بوجه عام، وعلى المؤلفين، وعلى أشياء كثيرة يعرفها العاملون فى هذه الصناعة.
والأمر الثانى، وهو الأهم، يتعلق بزاوية أن حاكم الشارقة يراهن على الثقافة، وهو حق، ومن حسن حظنا أن رهانه يربح دائما، ويكشف أن انتماءه للكتاب وصناعه حقيقة وليست ادعاء أو رغبة فى التميز.
وبالطبع لا يملك الإنسان منا سوى أن يشعر بالسعادة عندما يتأكد أن الكتاب لا يزال يحظى باحترام وتقدير أناس يملكون نفوذا وقدرة تأثيرية فى القرارات، ولنا أن نتخيل لو اتسعت هذه الدائرة، كيف سيكون حال العالم العربي.
ملحوظة مهمة، فى مصر كانت لنا حكاية سابقة فى هذا الشأن تمثلت فى مكتبة الأسرة، عندما تبنت السلطة الفكرة فكان الأثر عظيما.