نشرت الصحف منذ فترة، خبرا كشفت فيه نجاح الأجهزة الأمنية في القبض على عاطل له معلومات جنائية، بتهمة انتحال صفة "ضابط " واستدراج وابتزاز الفتيات عبر فيس بوك، وقال الخبر إن المتهم استخدم عدة أسماء مستعارة، وأن الشرطة عثرت بحوزته على هاتف محمول يحوي ما يؤكد تورطه في هذه الجريمة غير الأخلاقية بجانب 5 إيصالات لحوالات بريدية بإجمالي 24 ألف جنيه محولة له من فتيات، واعترف المتهم بابتزاز 30 فتاة وسيدة، 4 منهن فقط حررن محاضر شرطية.
وبداية دعونا نعترف، بأن هذه الواقعة، ما هي إلا واحدة من عشرات الآلاف، قليل منها خرج للرأي العام وكثيرا ما زال مجهولا، وهي "أي جريمة التحرش" وإن كانت من الجرائم الأخلاقية غير المستحدثة إلا إنها كانت محدودة للغاية قبل أن تجد البيئة الخصبة للنمو والازدهار وتقترب من الظاهرة وهذه البيئة تتمثل فى وسائل التواصل الاجتماعى التي وأدت كل قيم المجتمع.
والمحلل لخبر القبض على المتحرش المبتز، السابق الإشارة إليه، يكتشف بسهولة، كيف اصطاد ضحاياه حتى حصل منهن على أدلة إدانتهن سواء كانت في شكل صور أو مقاطع فيديو أو" تشات" أو خلافه ومن ثم بدأ في مساومتهن حتى خضعن له وأرسلن له الحوالات المالية بمبالغ ليست هينة.
ما أريد قوله هو أن الضحية "الأنثى" لم تفاجأ لكنها سايرت صائدها وسلمته ما يدينها ثم اتهمته بالتحرش وهذا عبث، وهو في نفس الوقت إنذار وتحذير للفتيات والسيدات مفاده: احذرن من السقوط في مستنقع العالم الافتراضى غير المنضبط بقيم ولا قوانين ولا قيود، ولتعلم كل من تعرضت للابتزاز بأنها ليست ضحية بل مجرمة ومشاركة في الفعل بتراخيها وعدم تحكيم عقلها والمنطق، أنتن مسئولات وأولياء أموركن كذلك، ولا تلومن إلا أنفسكن فعندما تدخلن شقق الدعارة بإرادتكن لا يجب عليكن إلقاء اللوم على من يوصمكن بالعار.
والتحرش يا سادة، هو فعل غير مرحب به، وهذا الفعل قد يكون نفسيا أو جنسيا أو لفظيا أو جسديا، وتتراوح حدته بين الانتهاكات البسيطة والمضايقات الشديدة التي تتضمن تلميحات مسيئة.
واتوقف في تعريف معنى التحرش عند "غير مرحب به" وعدم الترحيب في تصورى يكون فى بداية الفعل وليس عندما تصاب الضحية بتوتر سببه لها المتحرش، لسبب أو لآخر أو حتى بدافع الانتقام والتشهير به لأنه ربما أثار غيرتها أو تجاهلها أو راح يتحرش بغيرها.
لنكن أكثر وضوحا، لو أن سيدة مثلا تركت مساحة شاسعة لرجل فتخطى الحدود معها وقابلت ذلك بابتسامة او أو حتى بالدلال واستمرت هذه الحالة فترة من الزمن، فهل يحق لها أن تتهمه بالتحرش لمجرد أنه كرر فعل مارسه معها عشرات المرات؟ بالطبع لا يحق لها، لأن ما اعتبرته تحرشا كان مرحبا به من جانبها أي أن هذه العلاقة الأثمة كانت بمحض إرادتها ولا يحق لها أن تتهمه بالتحرش إلا بعدما تنبهه وتحذره من أن الفعل الذى اعتادا عليه قررت رفضه الآن، فإذا تمادى ورفض احترام رغبتها كان من حقها أن تتهمه بالتحرش لآن الفعل هنا أصبح غير مرحبا به.
تعالوا نخرج رؤوسنا من الرمال ونناقش القضية بقدر من الموضوعية، دون ظلم للرجل وتبرئة تامة للمرأة، فالسيدة أي كان عمرها قد تشعر بعاطفة نحو رجل ما، وتستمتع بكلماته ومغازلته لها، ولكن هل عندما يثير غيرتها أو يتجاهلها يحق لها الانتقام منه واتهامه بالتحرش، بالطبع لا يحق لها إلا إذا أخبرته بأنها باتت رفض هذا الفعل.
عزيزتي المرأة، لا يحق لك الرفض المفاجئ ودون إنذار لتصرف رجل كنت تقبلينه حقبة من الزمن لغرض في نفسك، ولكن عليك من البداية وضع الخطوط الحمراء حتى لا يطمع فيك الذي في قلبه مرض، فإذا كنت وثقت في رجل وسمحت له بانتهاك خصوصيتك فلا يحق لك أن تتهميه بالتحرش لمجرد أنه أثار غضبك، وعليك أن تطالبيه بالتوقف فإذا أصر اتخذى ضده من المواقف ما يخلصك من مضايقاته، دعونا نحلل الأمور بعقلانية ونسبح مرة واحدة ضد التيار.