الإعلان عن مشروع تطوير القرى، خلال 3 سنوات، يمثل خطوة مهمة ضمن المشروعات القومية، لأنه يشير إلى أن الدولة تلتفت بشكل واضح إلى الأقاليم، وهو أمر ظهر من خلال توزيع المشروعات القومية على المحافظات، وعدم تركيزها فى القاهرة والإسكندرية، مثلما كان الحال طوال العقود الماضية، ونظن أن مشروع الرئيس عبدالفتاح السيسى لتطوير القرى والأقاليم يكشف عن طريقة تفكير تقوم على التخطيط الواسع والربط بين نقاط التنمية.
التطوير إلى ما وجه به الرئيس يتكلف 500 مليار جنيه، يشمل النهوض بمكونات البنية التحتية، من مياه وكهرباء وغاز وصرف صحى وتبطين الترع ورصف الطرق وخدمات الصحة والتعليم، وتستفيد منه 4500 قرية وتوابعها، بما يعنى تغطية جهود التطوير لكامل خريطة مصر، وبالطبع فإن بعض القرى لديها شبكات كهرباء ومياه وصرف، ويبدو ملف الصحة والتعليم فى مقدمة مشروع التطوير، أما الملف البارز، فهو ملف الطرق والنقل، حيث تعانى بعض القرى، بل والمراكز، من نقص فى الطرق، أو ضيق الطرق القائمة بحجم الحركة عليها، أو أن بعض المراكز تفتقد إلى مواصلات تناسب أعداد السكان.
ملف الطرق والنقل والمواصلات، يمثل أولوية مع الصحة والوحدات الصحية والصرف الزراعى والصحى، ودائما ما يستند الواحد منا إلى نماذج يعرفها، تمثل علامات تتكرر فى بعض الأقاليم، محافظة الغربية على سبيل المثال، تواجه مراكزها، والكثير من قراها، أزمات بسبب ضيق الطرق أو عدم توافر طرق مرصوفة، الأمر الذى يجعل انتقال السكان والمنتجات الزراعية أكثر صعوبة، خاصة للمدن والقرى التى لا تمر عليها خطوط السكة الحديدية.
ولهذا فقد شعرت ببعض الأمل بعد إعلان مشروع التطوير الكبير للأقاليم وفى القلب منها القرى، وأعرف أن مركز بسيون بمحافظة الغربية، على سبيل المثال، من المراكز التى تم فى الستينيات رفع قطار الدلتا بها، الأمر الذى جعلها دائما فى حالة صعبة، من حيث ملف النقل والمواصلات، فالطرق الرئيسية، سواء من بسيون إلى طنطا أو دسوق، ضيقة ولم تشهد أى نوع من التطوير طوال ثلاثة عقود على الأقل، ومع غياب السكة الحديد، تمثل الانتقالات معاناة يومية لعشرات الآلاف من الطلاب والعاملين من سكان بسيون وقراها وتوابعها، ويمثل النقل واحدا من أكثر مطالب السكان إلحاحا، ولهذا فقد ولد لدىّ أمل أن يكون مشروع التطوير خطوة لإخراج بسيون من عزلتها الدائمة.
هناك دراسات سابقة ومشروعات، تقدم بها نواب سابقون، لإقامة خط سكة حديد يربط بسيون بطنطا، أو حتى يرتبط بقلين التى تبعد نحو 15 كيلومترا فقط، وهذه المشروعات سبق وأن تقدم بها الكاتب الراحل جمال بدوى فى التسعينيات من القرن العشرين، واقترب الأمر من التنفيذ قبل أن يتوقف، وتكررت الطلبات من نواب، مثل فتحى حبيب وسيد زغاوة، ومحمود الشاذلى وغيرهم، لكنها بقيت فى الأدراج، ويمكن العودة إلى هذه المشروعات والدراسات للاستفادة منها.
وقد ظهرت آمال كبيرة مع تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى يمتلك إرادة لتنفيذ الكثير من المشروعات، التى كانت تبدو مستحيلة، ومنها شبكات الطرق العملاقة، والقطار الكهربائى، والمترو، ثم مشروع تطوير القرى، الذى يجيب عن أهم أسئلة التنمية، ويكشف عن خطة لإعادة بناء مصر الحديثة، وتحقيق الأهداف الـ17 للتنمية التى أعلنتها الأمم المتحدة لـ2030.