العلاقات المصرية الليبية تشهد تطورا كبيرا ومهما خلال الفترة الماضية، مدعوما بعلاقات تاريخية، ووحدة راسخة، وأواصر عائلية متينة جراء فروع قبائلية مشتركة، لذا حظيت الأزمة الليبية باهتمام عميق من قبل القيادة السياسية، بل تعاملت الدولة المصرية مع أزمة شقيقتها من منطلق أنها تدخل فى نطاق الأمن القومى المصرى، لهذا سعت الدبلوماسية المصرية بكل ما أوتيت من قوة إلى جمع الليبيين على طاولة واحدة، ولم شمل الفرقاء لإنقاذ البلاد من مخاطر الإرهاب وحل أزماتها العالقة، وخاصة مواجهة الأطماع الخارجية التى تهدد بمزيد من التصعيد والصراعات، والتخلف عن قطار البناء والإصلاح والتنمية.
وأتى "إعلان القاهرة" تلك المبادرة المصرية التى كان لها دور كبير، فى لم شمل الليبيين من جديد، وإحياء المسار السياسي برعاية أممية، ولم تكتف بالمسار السياسى فقط، بل سعت لتقديم خبراتها فى كافة المجالات، التى من شأنها تحقيق الاستقرار السياسى والمعيشى معا، وذلك من خلال المشاركة في تنفيذ المشروعات التنموية فى ليبيا، والتى تمثل أولوية بالنسبة للشعب الليبي الشقيق، ونقل تجربتها الرائدة في كافة المجالات إلى هناك.
وزادت وتيرة التفاؤل بانفتاح أكبر على العلاقات المستقبلية، بعد زيارة الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الحكومة المصرية رفقة مجموعة من الوزراء إلى الشقيقة ليبيا، للقيام بمراجعة كافة الاتفاقيات التى تم توقيعها من قبل من أجل تقييمها وتعديل ما يحتاج منها إلى تحديث، مع اقتراح مشروعات مذكرات تفاهم واتفاقيات فى كل المجالات محل الاهتمام المشترك بين البلدين، وكان أبرزها تنظيم ملف عودة العمالة المصرية، بما يسمح باستفادة ليبيا من جهود وخبرة العمالة المصرية، ليكون ذلك بشرة خير للمصريين والليبيين على حد سواء.
والملفت، أن الأمر لم يتوقف على ملف عودة العمالة، بل وصل إلى مساهمة الشركات المصرية فى إنشاء محطات توليد كهرباء، ودعم قطاع الصحة، من خلال إيفاد بعثات وقوافل طبية مصرية للمساهمة فى تخفيف أزمة نقص الكوادر الطبية، وكذلك تزويد القطاع الطبى بما يحتاج من أدوية وبروتوكولات علاج لفيروس كورونا.
وكذلك تنفيذ مشروعات إسكان بمستوى عال من الكفاءة، والمساهمة فى تحديث وتطوير قطاع المياه ومحطات الصرف الصحى، وإقامة معارض للمنتجات المصرية، وعقد منتديات لرجال الأعمال من الجانبين، ليعود كل هذا بالخير على البلدين.
وأخيرا.. كلنا أمل وثقة فى قدرة الحكومة الليبية الجديدة، على إدارة المرحلة الانتقالية الحالية، وتوحيد المؤسسات الليبية تمهيداً لإجراء الانتخابات الوطنية فى ديسمبر المقبل، وكلنا أمل أيضا في قدرة المصريين عمالا وشركات لإعمار ليبيا، لتنتهى معاناة الشقيقة بعد سنوات من الانقسامات والصراعات، ليتحقق الاستقرار من جديد، ويتم إعادة بناء البلاد، وإعمارها بأيادى مصرية، والتي أثبت للعالم كله أن منهجها هو الصلاح والإصلاح والبناء والعمار وهذا ما يراه العالم كل يوم وضوح الشمس في إنجاز مشروعات عملاقة على الأراضى المصرية لتنتقل إن شاء الله هذه التجربة والريادة إلى أراضى أشقائنا الليبيين في المستقبل القريب.