الأسمرات.. هى نهاية عصر الدولة القاسية التى أدارت ظهرها للغلابة والفقراء، وسلمت مقاليد أمورها للرأسمالية المتوحشة، وتركت فى أحشاء الوطن بؤرًا سرطانية، وأحياء عشوائية تشبه الحياة فى القرون الوسطى، وفى عصور ما قبل الماء والكهرباء، وصارت أحزمة ديناميت قابلة للانفجار فى أى وقت، وتصدر للمجتمع شتى أنواع الجرائم والأمراض، ولم تجرؤ أى حكومة فى العهود السابقة على الاقتراب منها، وتركت قاطنيها يعيشون حياة غير آدمية، وظروفًا غير إنسانية، وكأن الأمر لا يعنيها.
الأسمرات هى بداية عصر الدولة الرحيمة التى تشعر بآلام الناس وأوجاعهم، وتعهدت بوضع حد لمشكلة العشوائيات فى غضون عامين، وانشقت الأرض عن عمارات رائعة، وشقق نظيفة، وشوارع مرصوفة، وميادين، وحدائق وأشجار، ومدارس ومستشفيات ومراكز شباب، فى نقلة حضارية تساوى العودة إلى الحياة، فانطلقت الأفراح والزغاريد من الأهالى، تعبيرًا عن صدمة الفرح، فالأسرة التى كانت تعيش يوم «الأحد» فى عشة متهالكة، انتقلت يوم «الاثنين» إلى شقة محترمة، لم يتخيلوها حتى فى الأحلام، تدخلها الشمس والهواء، ومفروشة بالأثاث والأدوات الكهربائية، وما أحلى أن يتحول الحلم إلى حقيقة، وأن يشعر البشر بأن هناك دولة ترعاهم، وتضعهم فى صدارة أولوياتها.
من يستطيع أن يفعل ذلك غير الرئيس عبدالفتاح السيسى والقوات المسلحة؟، رئيس يسابق الزمن لبناء مصر ونهضتها، ويشعر بالناس، ويتألم لآلامهم، ويتفاعل مع همومهم، ومنحه الله نعمة التفانى فى خدمة أبناء وطنه، واستطاع فى عامين أن ينجز أعمالًا تحتاج عشرات السنوات، رئيس لا يعترف بالمستحيل، وإذا وعد أوفى، فتولدت بينه وبين الناس ثقة كبيرة «طالما قال الرئيس هينفذ»، وفى ظهر الرئيس جيش مصر العظيم، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، رجال يخوضون حربًا لبناء مصر، ولم يكن فى استطاعة أحد أن ينفذ ما شاهدناه فى الأسمرات غير جيش مصر وأبنائه الأوفياء.
الأسمرات رسالة شديدة اللهجة لوسائل الإعلام السوداء التى تتاجر بأوجاع الفقراء وبؤسهم، وأظهرت مصر أمام العالم فى صورة سيئة، واستهزأت ببشر ليس ذنبهم أن يعيشوا وسط مقالب القمامة، ويناموا فى حظائر، وتحاصرهم الأوبئة والأمراض، ولم تكن الدولة القاسية فى عهود سابقة تشعر بهم، وتعتبرهم شرًا لابد منه.
رسالة الرئيس للإعلام: «اذهبوا الآن بكاميراتكم وأقلامكم إلى الأسمرات، وردوا الاعتبار لمصر وشعبها، وقولوا للناس إن مرض العشوائيات المزمن الذى يعشش فى جسد الوطن منذ عشرات السنين سوف ينتهى خلال عامين، والنموذج هنا حقيقة وليس خيالًا، وإنجازات وليس وعودًا، ازرعوا الأمل والتفاؤل، واطردوا اليأس والإحباط».
من الإنصاف أن تأخذ الإيجابيات حقها مثل السلبيات، وإذا استمر الإعلام فى سواده، فسوف يكون سقوطه مدويًا، لأن الناس يلمسون بأنفسهم الجهود التى تبذلها الدولة، للتعامل مع مشاكل مزمنة ومتراكمة منذ عشرات السنين، ففى بداية كل صيف كانت تزداد المعاناة بسبب انقطاع الكهرباء، ونقص البوتاجاز والبنزين، واختفت هذه المشاكل تمامًا فى هدوء ودون صخب وضجيج، ولا توجد محافظة فى مصر ليس مخططًا لها أن تحصل على نصيبها العادل من مشروعات التنمية، والثمرة الأولى كانت فى شبكة الطرق والكبارى الهائلة فى محافظات بحرى والصعيد، وهى مشروعات لم تصاحبها «زفة»، بل يشاهدها الناس بأعينهم على أرض الواقع.
وتؤكد معدلات الإنجاز السريع للمشروعات أن مصر ستصبح دولة ناهضة فى غضون سنوات قليلة، دولة لن تُقصر نشاطها على منتجعات القادرين وخدمة الأغنياء، بل توظف إمكانياتها من أجل البسطاء والفقراء ومحدودى الدخل، ولن تتركهم بين أنياب الرأسمالية المتوحشة، ولا تصدقوا أبدًا أن كثيرًا من رجال الأعمال مهمومون بالعشوائيات، ويتبرعون بأموالهم من أجلها، فمن يفعل ذلك عدد قليل، بل إن بعضهم يتاجر بهذه القضية ويزايد عليها، وكان ضروريًا أن تتدخل الدولة بإرادتها وإمكانياتها، من واقع مسؤوليتها عن الفقراء ومحدودى الدخل، لتقوض أركان الدولة القاسية، وتبدأ عصر الدولة الرحيمة.