تناولت أمس قضية «الأطماع الإسرائيلية فى أفريقيا والنيل»، من خلال الكتاب الجديد للمؤرخة الدكتورة «زبيدة عطا»، والذى يحمل نفس العنوان، وأستكمل.
تستعرض الدكتورة زبيدة مجمل الآراء حول قضية إسرائيل والنيل، وفى هذا الرصد يستوقفنا رأى الدكتور مغاورى شحاتة دياب، أستاذ المياه ورئيس جامعة المنوفية الأسبق، وعرضنا جانبا منه أمس، وينتهى منه إلى رفض الآراء التى تردد أن إسرائيل ليست لديها مطامع فى مياه النيل، ويؤكد: «إسرائيل لديها أحلام كبيرة فى مياه النيل، ولها مشروع جاهز للحصول على مياه النيل تخطط لتنفيذه، ويتمثل فى تجميع المياه المتساقطة بجوار البحر الأحمر فى كل من إثيوبيا وإريتريا وجنوب السودان، ونقلها إلى إسرائيل فى خط أنابيب عبر البحر الأحمر مرورا بخليج العقبة، لتستخدم هذه المياه فى استصلاح صحراء، وأن موشى ديان «وزير الدفاع والخارجية الإسرائيلية الأسبق» سبق وأن أشار إلى أن إسرائيل كانت تخطط من قبل لنقل مياه النيل إلى إسرائيل عن طريق مصر.
يقدم الكتاب طبيعة العلاقات التى تربط بين إسرائيل وكل دولة من دول الحوض النيل، فعن السودان يشير الكتاب إلى دور إسرائيل فى مسألة التقسيم، والذى انتهى إلى سودان فى الشمال، وسودان فى الجنوب، حيث ساندت إسرائيل الحركات الانفصالية فى الجنوب حتى تحقق الانفصال، ولم تكتف الأصابع الإسرائيلية على انفصال الجنوب عن الشمال، بل امتدت إلى دارفور بتمرد بعض الفصائل فيها على السلطة السياسية فى الخرطوم، وقامت حركة «تحرير السودان» برئاسة عبدالواحد محمد نور بفتح مكتب لها فى إسرائيل، وإذا كانت السودان تمثل العمق الاستراتيجى الجنوبى لمصر وظهيرها الأمنى، فعلينا أن نتوقع ماذا يعنى هذا التحرك الإسرائيلى الذى يستهدف أن يكون السودان مفتتا؟.
أما إثيوبيا والذى يأتى منها 85% من المياه لمصر، فإن إسرائيل وسعت من البداية للارتباط بها لأسباب مختلفة، ويقدم الكتاب سردا تاريخيا لهذا الارتباط، وفيه محطات كثيرة أهمها ما حدث يوم 6 يناير 2004، حيث قام وزير الخارجية الإسرائيلى «سيلفان شالوم» بزياة إثيوبيا، وتكمن أهمية هذه الزيارة فى طابعها، حيث رافق الوزير 30 من كبار رجال الأعمال واستمرت زيارتهم ثلاثة أيام، وعكست توجها إسرائيليا لتقوية العلاقات مع أفريقيا، وكانت هى الأولى من نوعها إلى القارة منذ 12 عاما، وأكدت صحيفة «يديعوت إحرنوت» الإسرائيلية، أن صادرات إسرائيل التكنولوجية إلى إثيوبيا ارتفعت بنسبة 500%، وتعهدت إسرائيل فى هذه الزيارة بتطوير التكنولوجيا الزراعية.
تعمقت العلاقات بين إثيوبيا وإسرائيل، وفى الخلفية كانت مياه النيل وفى يوم 2 سبتمبر 2009 بدأ «ليبرمان» وزير الخارجية الإسرائيلى جولة أفريقية ووفقا لصحيفة «لوفيجارو» الفرنسية فى تحليل لها للزيارة، فإن هذا التحرك هو الأول منذ 25 عاما، ويعتبر تمهيدا خطيرا لمستقبل مصر، لأنه تمهيد لحرب المياه فى الشرق الأوسط، والتى تبدأ فى قلب القارة الأفريقية، وقالت الصحيفة، إن زيارة ليبرمان تشير إلى إجراء المزيد من المشاورات مع إثيوبيا لبناء سدود على نهر النيل.
يتناول الكتاب طبيعة العلاقات وتطورها فى كل المجالات بين إسرائيل وكينيا وأوغندا وتنزانيا وإريتريا وبروندى، وروندا «منبع نهر النيل» وبلغ فيها النفوذ الإسرائيلى حتى أصبح يطلق عليها «إسرائيل منطقة البحيرات»، والكونغو وهى ثانى أكبر دولة فى دول حوض النيل من حيث المساحة بعد السودان.