بعد 48 ساعة تقريبًا مضت على حوار الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذى اعتبرته بمثابة كشف حساب وتقرير شامل عما تم إنجازه فى مصر خلال عامين، قرأت عدة مقالات كانت معظمها تحليلا لحديث الرئيس مع الأستاذ الإعلامى أسامة كمال، واستوقفنى فى حقيقة الأمر مقال للأستاذ محمد على إبراهيم رئيس تحرير جريدة الجمهورية الأسبق، وله كل الاحترام، واسمحوا لى أتوقف معكم فيما ذكره الأستاذ الفاضل فى مقاله فى عدة نقاط وبشكل مختصر.
النقطة الأولى أن الأستاذ محمد على إبراهيم، جعلنى فى مقدمة المقال أشعر أننا لابد دائمًا أن نجلس على مائدة ساخنة تخرج من من تحت أرجلها ألسنة اللهب لنكتوى بها، وأن يكون حديثنا مشبعًا بكل ما يجعلنا نشعر أن اللهيب يخرج من أذنينا، حتى خراطيم المياه قد تعجز عن التلطيف عنا، وعلى ما يبدو أن هناك من اعتاد على هذا النوع من الأحاديث المليئة بالشد والجذب والمراوغة، ولا تخلو من استخدام الكلمات المتبلة بالصلصة الحارة لزيادة نسبة المشاهدة وهذا ما نراه فى معظم البرامج المسائية، ولا أعتقد أن الشعب المصرى سوف يجد متعة فى مشاهدة حوار الرئيس بهذا الشكل الذى وصفه الكاتب فى مقاله، وأحمد الله أننا كنا نستمع إلى حوار الرئيس ونحن فى استراحة من كل ما ذكرته، وإلا نكون قد اعتدنا على هذا النوع من الحوارات، ودعونا نحمد الله كثيرًا فلقد تركت أولادى يشاهدون التلفاز دون أن أشعر بحرج أو بقلق.
النقطة الثانية فى مقال محمد على إبراهيم، والتى تتعلق بالمكتب الإعلامى وأنه انزلق فى الإدلاء بتصريحات قبل إذاعة الحوار مضمونه يفيد بأن المكتب الإعلامى لم يتدخل فى طبيعة الحوار أو يعترض على الأسئلة، وهنا السؤال أين هذا التصريح أو المعلومات المؤكدة التى تفيد بأن المكتب الإعلامى أرسل إيملين فقط لا غير قبل إذاعة الحوار وتم إرسالهما إلى جميع الزملاء الصحفيين، محرر شئون الرئاسة، ورؤساء تحرير القنوات، ومديرها الأول كان تنويهًا عن الحوار وميعاد إذاعته، ولم يتضمن أكثر من ذلك والثانى كان ملفا مجمعا للمشروعات التى تم إنجازها على مدار العاملين بمثابة شرح تفصيلى للفيلم الوثائقى قبل عرضه، وما تضمنه من لقطات بالصوت والصورة لتوضح للمشاهد ما وصلنا إليه، ومازلت أبحث عن هذا التصريح المنسوب إلا إذا كنت تعنى كلمات دارت فى غرف مغلقة ومن مصادر غير رسمية وبالتالى هذه الكلمات لا تعنى التصريح.
النقطة الثالثة وهى القضايا التى كنت ترغب يا أستاذ محمد أن يتضمنها الحوار من وجهة نظرك، ومنها كما ذكرت فى مقالك "سد النهضة" وهنا السؤال: هل أغفل الرئيس هذه القضية أم كان سؤالا لم يتطرق إليه الأستاذ أسامة كمال والإجابة بالطبع ليس عندنا ويسأل فيها الأستاذ أسامة كمال، وإن كنت بحكم عملى أتابع كل ما يصدر من الرئيس ومن مؤسسة الرئاسة، فالسيد الرئيس بعث من قبل رسالة طمأنة للمصريين قائلا: "أنا معاكم فى القلق الأمور تسير بشكل جيد ومطمئن وأنا مضيعتكمش قبل كده علشان أضيعكم فى ملف سد النهضة" ربما تكون هذه الكلمات غير كافية لمن يبحث عن أدق التفاصيل ولا يضع اعتبار الأمن القومى فى المقدمة والعلاقات الحيدة مع الدول التى طالما يؤكد الرئيس عليها أم كنت تريد تفاصيل مذاعة على الهواء مثلما فعل المخلوع محمد مرسى.
النقطة الرابعة وهى أزمة نقابة الصحفيين الأخيرة هذا أيضًا لم يكن سؤالا مطروحا وقضية تم إسدال الستار عليها من قبل الصحفيين أنفسهم واعترفوا بأن ما صدر عن اجتماع النقابة والذى لم يكن بالطبع جمعية عمومية ولم يثبت بالدليل القاطع عملية الاقتحام وفى اعتقادى أن الرئيس ما كان ليصمت لو حدث اقتحام بالفعل للنقابة الموقرة والآن الأمر برمته أمام النيابة العامة ومع ذلك لقد أكد الرئيس فى حواره وحدة الصف وأن نبتعد عن القضايا الهامشية التى تهدف لتشتيت الصف الوطنى وأكد أيضًا مرارًا أنه مع حرية الصحافة والرأى فى إطار احترام الدستور.
النقطة الخامسة وهى عن قضية تيران صنافير والسؤال الآن كيف لرئيس جمهورية أقسم على احترام الدستور والقانون بعد إحالة ملف مهم مثل هذا إلى البرلمان المصرى لاتخاذ القرار أن يتحدث فيها الآن ولنفترض أن الرئيس توسع فى الرد على هذا السؤال أليس هذا يعتبر نوعا من التوجيه للبرلمان أو للرأى العام لقد اجتمع السيد الرئيس فى الثالث عشر من أبريل الماضى ومعه جميع القيادات والمؤسسات وممثلين لجميع أطياف الشعب وشارك فى الاجتماع جميع من قاموا بإعداد هذا الملف وأذيع على الهواء على كل القنوات وتناولته جميع الصحف والمواقع وحديث الرئيس الآن عن هذا الملف أو إبداء الرأى فيه ليس من سلطته فقد أجاب طبقًا للقانون الأمر بين يدى البرلمان.
وفى هذه الجلسة أيضًا تحدث الرئيس عن قضية ريجينى وإن كنا منصفين مع أنفسنا لقد ساهمت الصحافة والإعلام المصرى فى صنع الأزمة كما قال والدليل على ذلك أن العلاقات المصرية الإيطالية جيدة للغاية ولقد شاهدنا ما عرضته إيطاليا على مصر من مساعدات فى حادث الطائرة المنكوبة ومبادرة رئيس الوزراء الإيطالى لتقديم كل الدعم لمصر والعجيب أستاذى الفاضل أنك لم تسأل عن المواطن المصرى محمد باهر الذى وجد مقتولاً فى إيطاليا رحمه الله.
النقطة السادسة والتى تتعلق بغلاء الأسعار من يتابع أحاديث الرئيس السابقة والبيانات الصادرة من مؤسسة الرئاسة والتصريحات التى يدلى بها السفير علاء يوسف المتحدث الرسمى لرئاسة للجمهورية سوف تجده متناولاً بشكل شبه دورى وتفصح الوزارات المعنية عن الحلول المطروحة والتى تم تنفيذها على أرض الواقع من منافذ بيع للقوات المسلحة وزارة التموين والزراعة فيما يخص السلع الأساسية.
النقطة السابعة وهو قانون الخدمة المدنية وهنا كيف يجيب الرئيس عن قانون لا يتسنى له وضعه فى وجود السلطة التشريعية وقدم قانون من قبل أقرته الحكومة ورفضه مجلس النواب والتشريع ليس من سلطة الرئيس طبقًا للدستور.
النقطة الثامنة والتى تتعلق بإجراءات العفو عن المحكوم عليهم قضائيا طبقًا للقانون فإنك تعلم أستاذى لا يحق لرئيس الجمهورية العفو الرئاسى إلا بعد انتهاء كل إجراءات التقاضى وبالتالى قرارات العفو لها قانون أما النظر بشأن الكفالة اتفق معك فى الرأى أنها مرتفعة جدًا ويجب إعادة النظر فيها ولكن هل هذا من سلطات الرئيس ما أعلمه أن الرئيس يمكنه مناشدة النائب العام فقط وليس التدخل فى قراراته.
وأخيرًا فيما ذكرته أستاذى الفاضل فى آخر المقال وتعليقك أن الرئيس لا يقبل النقد، أى نقد تريده بالضبط أهو النقد الساخن المليء بالبهارات والتصريحات الصحفية الملتهبة التى لا تخلو من اصطياد الكلمات لزوم الشعللة أم النقد البناء الذى يتحدث عنه كثيرون فى هذا الزمان وقد أصبح مجرد شعارات.
ومع تحفظى الشديد على وصف طبيعة حوار لرئيس جمهورية مصر العربية واستخدام عبارات تشبيه حتى يشعر القارئ أنه على طاولة طعام ليس أكثر مليئة بأطباق لا تصلح إلا لمن لا يرى شيئًا سوى امتلاء أمعائه بالطعام الحار المتبل.
ولا أعلم كيف شاهدت الحوار وبأى عين فلا يمكنك الحكم على الذوق العام وأنا كنت ممن يفضلون الطعام الصحى لأنه ثبت أنه مفيد وغير ضار.