أكتب كل كلمة من كلمات مقالى اليوم بدموع قلبى الذى يعتصره الحزن على رحيل أول وآخر من أحبنى كما قال النبى صلى الله عليه وسلم، فقد فارقت أمى الدنيا بما تفيض به من ضجيج وصراع ولهث وأفراح وآلام لا ينفض يده منها ابن آدم إلا بأمر من الله ليحمله من عالم الدنيا بكل ما تحمله الكلمة من معان الدنو إلى عالم الأسرار الخفية التى لا يعلمها إلا الله.
تلك الشجرة الطيبة التى أنبتت نباتًا بفضل الله طيبًا لا تموت ذكراها ولا ينقطع عملها من الدنيا لطالما كانت هناك فروع صالحة تستمر فى نبتها وتكبر لتشيخ ويخرج منها نبتْ جديد، تلك حكمة الحياة الدنيا .
علمتنى أمى: أن أصدق القول وأحسن الفعل وأتقى الله فمن يتقى الله يجعل له مخرجًا .
علمتنى أمى: التواضع والبساطة وجبر خاطر الضعيف والمسكين لأنه من تواضع لله رفعه .
علمتنى أمى: أن الكلمة الطيبة صدقة وأن فعل الخير لا يتطلب الكثير من التفكير والتدبير فلابد أن يكون أسلوب حياة لا ينفصل عن كل تفاصيلها .
علمتنى أمى: أن أفرح بما آتانى الله وأسجد له شكرًا وألا أحزن على ما فاتنى وأحمد الله على ما رزقنى ولا أتطلع لما رزق به غيرى.
علمتنى أمى: أن العطاء لا حدود له وأن إنكار الذات هو أعلى الدرجات .
علمتنى أمى: أن حب الناس هو خير دليل على حب الله فمن أحبه الله أحبب فيه جميع خلقه .
علمتنى أمى: أن السيرة الطيبة هى أكبر كنوز الدنيا وأن الإنسان يفنى تاركًا وراءه كل ما جمع من مال وعدده وأن ذكره الطيب هو الأبقى.
ذهبت من كان يكرمنى الله من أجلها، لكن كلماتها وصوتها سيظل يرن بأذناى ويستقر بقلبى ما دامت حياتى فى الدنيا .
رحيل الأم غصة قلب لا تموت حتى نموت، اشتقت لروح لن تعود.
فأكثروا من الإحسان لأمهاتكم وتقربوا إلى الله ببرهن وقبلوا أقدامهن فالجنة تحتها.
رحمكِ الله يا أمى وجعل كل ما علمتنيه من خير فى ميزان حسناتك ورفعكِ به فى أعلى الدرجات مع النبيين والصديقين والشهداء .