فى الثامن من يونيو 2014 أدى الرئيس عبد الفتاح السيسى اليمين الدستورية رئيساً لمصر، وبعدها مباشرة وضع الرئيس المحاور الأساسية لمنهج عمل إدارته، وقبل أن يتعهد للشعب المصرى بالإنجاز صارحه بحقيقة الإرث الثقيل من التحديات والمشكلات التى تعانى منها الدولة، وعلى رأسها التردى الاقتصادى والظلم الاجتماعى وغياب العدالة التى عانى منها المواطن المصرى لسنوات ممتدة، وكان السيسى صريحا مع المصريين حينما أكد أنه لن يعد المواطن المصرى البسيط التخلص من هذه التركة المثقلة بمجرد تقلده مهام منصبه الرئاسى، لكنه أشهد الله تعالى أنه لن يدخر جهدا لتخفيف معاناة الشعب المصرى ما استطاع .
تعهدات الرئيس وقتها اعتمدت على استكمال خارطة المستقبل، بانتخاب برلمان يعبر عن إرادة الشعب المصرى عبر انتخابات حرة ونزيهة وناشد الشعب المصرى بأن يحسن اختياره، وبداية صفحة جديدة فى تاريخ الدولة المصرية عبر عهد جديد يدعم اقتصادا عملاقا ومشروعات وطنية ضخمة للدولة، مع الحفاظ على حقوق الفقراء ومحدودى الدخل وتنمية المناطق المهمشة، واستعادة الدولة المصرية لهيبتها مع الحفاظ على مؤسسات الدولة ومواجهة محاولات هدمها، مع التزام كل مؤسسة بدورها الوطنى الذى أنشئت من أجله وجعل محاربة الفساد توجها قوميا حاكما لعمل هذه المؤسسات، مع العمل من خلال محورين أساسيين أحدهما تدشين مشروعات وطنية عملاقة والثانى توفير الموارد اللازمة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والعمل السريع والفاعل على تجاوز الأزمات والمشكلات التى تواجه المصريين فى حياتهم اليومية من انقطاع الكهرباء وعدم توفر الخبز والوقود، وتخصيص نسبة من الإنفاق العام تتصاعد تدريجيا لصالح قطاع الصحة وإضافة مرافق طبية جديدة، وتدشين شبكة طرق داخلية جديدة وإنشاء شبكة طرق دولية، وإنشاء عدة مطارات وموانئ وإقامة عدة مدن ومراكز سياحية جديدة.
من خلال هذه التعهدات حدد الرئيس وقتها ثمانية محاور رئيسية تعمل الدولة على تنفيذها، وتبلغ قيمتها تريليون و40 مليار جنيه، وهى المحاور التى سأحاول البحث بداخلها وهل حققت ما نحتاجه ويرغب فيه الرئيس أم لا.
أول هذه المحاور هو مشروع تنمية محور قناة السويس بتكلفة 50 مليار جنيه، وشمل هذا المحور إنشاء مناطق صناعية ولوجستية، وهو مشروع يقوم على استغلال الإمكانيات الحالية لقناة السويس فى موانئها، والمناطق الصناعية فى تنميتها، واستغلال الظهير الجغرافى لها فى إنشاء مناطق صناعية، ولوجستية تعتمد على استغلال البضاعة المارة فى قناة السويس فى إنشاء هذه الكيانات، وربط سيناء بمصر عن طريق التنمية من خلال المشروع، بالإضافة إلى 7 أنفاق يتم إنشاؤها.
وفى السادس من أغسطس 2015 كانت النقطة الأولى والأساسية فى المشروع، وهى افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة، وتوقيع الرئيس السيسى وثيقة التشغيل الفعلى للقناة، التى تم حفرها فى عام واحد فقط، وهى عبارة عن فرع بطول 35 كيلومترا يمر بموازاة قناة السويس الأصلية التى يبلغ طولها 190 كيلو مترا، ويعود تاريخ بنائها إلى 145 عاما، وتهدف القناة الجديدة إلى مرور السفن فى الاتجاهين دون توقف فى مناطق انتظار داخل القناة وكذلك تقليل زمن العبور مما يسهم فى زيادة الإقبال على استخدام القناة ويرفع من درجة تصنيفها.
من الصعب الحديث عن إيجابيات المشروع الآن، فقناة السويس الجديدة ليست كل المطلوب منه، بل هى جزء بسيط من المخطط الكبير الذى يتضمن مشروعات كبرى تعتمد على حيز جغرافى متمثل فى ميناء شرق بورسعيد، والظهير الجغرافى له، وميناء غرب بورسعيد، وميناء العريش، ووادى التكنولوجيا بشرق الإسماعيلية، والمنطقة الصناعية بشمال غرب خليج السويس، وميناء السخنة، وميناء الأدبية، ويعمل المشروع على خلق كيانات، ومجتمعات عمرانية جديدة فى المنطقة لجذب كثافة سكانية لإعادة التمركز بمدن القناة، وسيناء، والاستعداد من جميع الوجوه للاستفادة من نمو حجم التجارة العالمية خاصة فى وجود كيانات اقتصادية عملاقة مثل الصين، ودول جنوب شرق آسيا، والهند، والتى من الممكن أن تغزو السوق الأوروبية والولايات المتحدة فى الفترة القادمة، والتى ستمر حتما من خلال قناة السويس.
المحور فى مجمله بعد اكتمال عناصره سيكون سبباً رئيسياً فى تحويل مصر لمركز اقتصادى ولوجيستى عالمى صناعى وتجارى مؤثر فى التجارة العالمية من خلال خلق كيانات صناعية ولوچيستية جديدة بمنطقة المشروع، وتشجيع رؤوس الأموال الوطنية والعربية والأجنبية، وجلب أكبر قدر من الاستثمارات للمشاركة فى تنفيذ المخطط العام للمشروع وبما يحقق أهدافه دون المساس بالأمن القومى المصرى، وخلق رواج اقتصادى بالمنطقة، وإتاحة اكبر عدد من فرص العمل لأبناء مدن القناة وسيناء والمحافظات المجاورة، وكلها أمور يجب النظر لها بإيجابية كونها تساعد فى تنمية اقتصاد الدولة، وإعادة تموضعها فى خريطة الاقتصاد الدولى.