لا أحد ينكر حالة التعصب الكروى وحدة التراشق بين الجماهير، ولا أحد يقبل استخدام هذا المناخ من أهل الشر لتهديد السلم الاجتماعى، لكن دعونا نبحث عن السبب.. الحقيقة أن السوشيال ميديا وما أشاعته من فوضى وسيولة هى السبب فى كل ذلك.
الغريب فى الأمر أن يطل علينا رواد مواقع التواصل ومحتكرو حرية الرأى، لتصدير وجهات نظرهم ومصادرة آراء الآخرين، وهو ما ظهر مؤخرا فى حالة الهجوم الشديد على الإعلامى والكاتب الصحفى البارز إبراهيم عيسى، وآخرين غيره، لمجرد أنه عبر عن رأيه الرياضى دون تجاوز القانون والأعراف المهنية، لينهال عليه دعاة التعصب الافتراضيون بالنقد والسباب والتهديد والتحريض، بينما يبتسم رجال بارزون فى الوسط الرياضى مبتهجين بهذا الاحتقان، ويحاولون استثماره بدلا من التدئة والانتصار للحرية والروح الرياضية.
لا يتوقف الأمر على إبراهيم عيسى فقط، لكنه تكرر فى لقاء كابتن نادى الزمالك محمود عبد الرازق "شيكابالا" مع الإعلامى عمرو أديب، إذ اشتعلت منصات السوشيال ميديا بالهجوم والتشكيك والتنمر، وكأن حرية الرأى حكر على طرف بعينه، ولا يُسمح لآخر بأن يتحدث أو يعترض أو ينتقد أو يفرح أو يعبر عن نفسه!
هذه القسمة غير عادلة، ويبدو أن فيها توظيفا غير برىء لماكينة السوشيال ميديا، وربما للجان إلكترونية منظمة.. بينما الأصل أن لكل شخص حرية التعبير عن رأيه، طالما لم يتجاوز القانون والأعراف، ولم يتسبب هذا الرأى فى ترويج شائعة أو إثارة فتنة أو تغذية هدف خبيث لزعزعة السلم المجتمعى، وليس من حق أباطرة مواقع التواصل ولجانها أن يُنصّبوا أنفسهم قضاة وأوصياء على الآخرين، أو يخترعوا شررا وينفخوا فيه حتى يصبح نارا تُرضى أغراضهم المشبوهة.
حالة التعصب التى يغذيها البعض ويستثمرونها حاليا، صنعها بالأساس أوصياء "فيس بوك" وجلادوه، وكثير من كتائب مأجورة تُعكّر المياه ثم تسعى للاصطياد فيها، وهذا مسار مشبوه تُراق فيه قدسية الرياضية، ويجرى استغلال الجمهور المخلص وعوام المشجعين من أجل تعزيز مناخ التسخين والتشكيك واحتكار الرأي وإثارة الفتنة.. هذه اللعبة معروفة ومكشوفة، وخطيرة أيضا، ولا يصح أن نصمت عليها، أو نترك دعاة التعصب يجنون مكاسبهم الحرام بهذا الأسلوب غير الشريف.