ترشح كلينتون للرئاسة يجدد أمل الإخوان وسماسرة حقوق الإنسان
حالة من الرعب تنتاب سياسيين ونشطاء وأصحاب شركات للتأثير فى المجتمع المدنى، ومروجى تعليمات الأمريكان فى مصر من صعود أسهم المرشح الجمهورى دونالد ترامب، وفوزه بترشيح الحزب الجمهورى فى الانتخابات الرئاسية المقبلة. رعب هذه النخبة المزيفة لكونها تربت فى أروقة الإدارة الديمقراطية الحاكمة، وفى حجر هيلارى كلينتون نفسها التى أدارت ملفات السياسة الخارجية الأمريكية لفترة ليست قصيرة، ووضعت بصمتها ورؤيتها على كل من عمل فى الخارجية الأمريكية من بعدها، خاصة ملف منطقة الشرق الأوسط، وفى القلب منها مصر.
عيال الإدارة الأمريكية فى مصر الذين تربوا فى حجر هيلارى وفريقها بنوا سمعتهم، ومواقفهم السياسية على أنهم من معارضى ومنتقدى 30 يونيو، ومن أصحاب نظرية ضم الإخوان، وغيرهم من جماعات التطرف مجددًا للمشهد السياسى المصرى، مهما كانت التبريرات والتنازلات، حتى لو أدى الأمر إلى هدم مؤسسات الدولة أو إعادة الانتخابات البرلمانية أو التجاوز عن دماء الأبرياء التى سالت فى الأعمال الإرهابية، ومن ثم فإن فوز هيلارى فى الانتخابات الرئاسية يعنى استمرار نفس النهج الأمريكى فى مصر، وضخ مزيد من الدماء والتمويلات فى شرايين العيال الأجرية الموجودين حاليًا، أما قدوم ترامب والجمهوريين إلى البيت الأبيض فمعناه هدم المعبد على الأرزقية المتأمركين مؤقتًا حتى تتضح الصورة، أو أن نشهد أكبر حركة تحول فى المواقف السياسية تضاهى تحولات رؤساء تحرير الصحف القومية ليلة سقوط مبارك.
المعروف أن الجمهوريين يتفهمون إلى حد كبير منطق «السيسى» فى الحرب على الإرهاب، ويدعمونه، ويرفضون توظيف الإخوان سياسيًا على حساب توجهات الأغلبية من المصريين، ويميلون إلى اعتبارها جماعة إرهابية، كما يميلون إلى تجميد المشروع الديمقراطى لتفتيت المنطقة من خلال الجماعات الإرهابية المتطرفة، فمن خلال هذا الملف المشؤوم فشلت الإدارة الأمريكية فى استكمال سيناريو الحرب العالمية الثالثة، انطلاقًا من البلاد العربية جنوب وشرق المتوسط، بهدف تدمير الدول القومية والمستقرة، ومنابع النفط، وضمان أمن إسرائيل لخمسين سنة مقبلة، تمهيدًا لانسحابها لمواجهة تحدياتها الأخرى فى آسيا وشمال شرق أوروبا، وتكبدت فى مقابل ذلك مئات المليارات من الدولارات، كما فتحت «قمقم» الإرهاب ليضرب أوروبا، ويهدد العالم الغربى كله، حتى لم تعد أى دولة فى مأمن من خطره، بما فى ذلك واشنطن نفسها.
الجمهورى ترامب، على عكس الثنائى أوباما وهيلارى كلينتون، يتبنى أسلوب التعامل مع الدول المتماسكة فى الشرق الأوسط لتمرير المصالح الأمريكية، كما أن لديه توجهًا خاصًا لمواجهة جماعات الإرهاب والإسلام الراديكالى، وعدم الاعتماد على هذه الجماعات فى تمرير مصالح بلاده كما فعل أوباما، لأنه يدرك أن الجماعات الإرهابية بعد تمكينها سرعان ما تلتفت إلى رعاتها الغربيين، وتوجه إليهم الضربات لتحقيق وهم الفتوحات، وتكوين الإمبراطورية الإسلامية أو أستاذية العالم لا فرق.
الجمهوريون فى مصر يرون ترامب أفضل من كلينتون مرحليًا، رغم تصريحاته العدائية ضد المسلمين، أو وعوده لإسرائيل بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، ويعتبرون ميزته الكبرى فى وقف التورط الأمريكى بالشرق الأوسط، ودعم «السيسى» فى مواجهة الإرهاب، الأمر الذى يساعد على استقرار دول المنطقة، ووقف الحروب الأهلية بالعراق وسوريا وليبيا، ودعم الدول التقليدية بالمنطقة، وفى مقدمتها مصر، لكن ماذا سيعمل عيال كلينتون فى القاهرة ساعتها؟!
سيلزمون الصمت المريب، انتظارًا لمشروع حقوقى من الاتحاد الأوروبى، أو يجمدون شركاتهم الخاصة بجمع المعلومات، وتدريب النشطاء ونواب البرلمان على إثارة الشغب، وينتقدون خلال حفلات الشاى والكوكتيل بالسفارة الأمريكية، وفى المؤتمرات الصحفية للضيوف الأجانب- على طريقة خالد وجميلة- تخلى إدارة ترامب عن ملف الحريات فى مصر، ثم يرددون وهم يبكون أغنية شادية فى فيلم «شىء من الخوف».. «يا عينى يا عينى يا عينى ع الولد».