من أحكام الصيام 2
نواصل الحديث عن وقفات فقهية تتعلق بالصوم فى رمضان وفى غير رمضان، وقلنا من قبل إن هناك بعض الحالات التى يرخص لها ترخصًا غير موجب للإفطار فى شهر رمضان.
ونتحدث فى هذه الحلقة عمن يلزمهم الإفطار فى نهار رمضان أى يجب عليهم أن يفطروا ويحرم عليهم الصوم فى رمضان أو فى غيره إذا كان الصوم تطوعًا؛ وهؤلاء منهم المرأة إذا كانت فى حالة نفاس أى عقب ولادة وكذلك الحائض فكلاهما يحرم عليها الصوم، ويجب عليها أن تفسد صومها بأى شىء، وصيامها حرام، ولا يسقط عنها الفريضة، بل يجب عليها القضاء.
وبعض النساء لا تلتفت إلى هذا وإن سئلت لماذا لا تفطرين تجيب بأنها لا تشعر بتعب وهى قادرة على الصيام، فلماذا لا تصوم، وهذا خطأ شديد؛ فإن إفطارها فى نهار رمضان عزيمة أى واجب عليها، وصيامها محرم، فإذا صامت فقد خالفت شريعة الإسلام ووقعت فى حرام حرمه الله عز وجل عليها، فإنها تنتهك حرمة الصوم وهى تصوم وليست من أهل الصيام، وعلى النساء أن ينتبهن إلى هذا، فلا تصوم المرأة مع الحيض، ولا تصوم مع النفاس، لا علاقة للصوم بشعورها أو إحساسها بتعب من عدمه، فهذا هو حكمها فى الإسلام، وصيامها وإفطارها فى نهار رمضان لا يسقط الفريضة عنها، فهى مطالبة بها ولذلك تقضى بعد رمضان، وعلى النساء أيضًا أن يذكرن هذا الحكم فإذا صامت المرأة فى نهار رمضان فصيامها لا اعتبار له وهى مفطرة - مع أنها صائمة - ثم عليها أن تقضى بعد رمضان.
ولا يشترط لتفطر فى نهار رمضان أن تأتى بالطعام وتجلس لتأكل وتشرب أمام الناس فهذا غير مطلوب منها، بل ربما يخرج عن حدود اللياقة المشروعة فى الإسلام، وإنما يكفيها أن تتعمد إفساد صومها ولو بشربة ماء فى أى جزء من أوقات النهار، وبذلك تكون محققة للحكم الشرعى فى حقها.
كذلك يحرم الصوم على الشيخ الكبير إن كان الصوم يضره ضررًا شديدًا، وعلى المريض الذى يتفاقم مرضه لدرجة أنه قد يؤدى إلى الوفاة، فكلاهما يحرم عليه الصوم لقوله تعالى: «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا»، فحين يصوم الإنسان مع أن الأطباء يحذرونه من الصوم، ويقولون له إن الصوم قد يتسبب فى هلاكك، فهذا مِن قتل الإنسان لنفسه، حيث يكون قد أدى بنفسه إلى الهلاك الذى حرَّمه الله عز وجل عليه، والله أعلى وأعلم.