للعام الثانى على التوالى تنظم مصر المعرض الدولى للصناعات الدفاعية والعسكرية "إيديكس 2021" بحضور أكثر من 400 شركة عارضة، تمثل 42 دولة، وسط توقعات بحضور أكثر من 30 ألف زائر.
أهمية كبرى يضيفها المعرض الدولى للصناعات الدفاعية فى دورته الثانية فى مصر، لما له من أهمية تنطلق من دور مصر المحورى الإقليمى والدولى، والذى يتوج تنظيم مصر معرض الدفاع لاستعراض أحدث التكنولوجيات الدولية من كبريات الشركات المحلية والعالمية، مما يتيح تبادل الخبرات ويوفر فرصة للمنتجات العسكرية المصرية للوصول إلى أسواق أوسع.
اللافت أن المعرض الذى افتتحه الرئيس عبد الفتاح السيسى يستعرض أحدث التقنيات والأسلحة فى العالم ويدفع الى طرح العديد من التساؤلات حول مستقبل السلاح فى العالم وأشكاله المتنوعة، وأيضا تساؤلات حول مستقبل صناعة السلاح فى مصر وأسواقها الإقليمية، خاصة فى القارة الأفريقية التى تسعى لمصر لسد احتياجاتها من الأسلحة التى تنتجها القاهرة وتتناسب مع طبيعة الجيوش الأفريقية.
هنا تبدو الصورة واضحة من داخل إيديكس المصرى، والأهداف من وراء تنظيمه. صورة سياسية وصورة اقتصادية، الاقتصادى من الصورة يكشف الإرادة السياسية للقيادة المصرية فى الاهتمام الكبير بتطوير صناعة السلاح المصرى وفتح أسواق جديدة له كجزء من تجارة السلاح العالمى، خاصة تجارة السلاح من وإلى منطقة الشرق الأوسط.
الصناعة العسكرية فى مصر هى الأكثر أهمية فى العالم العربى، ولمصر استثمارات ضخمة فى الأسلحة والمعدات لعسكرية، بالإضافة إلى منشآت لتطوير صناعتها العسكرية، كما تعتبر الصناعة العسكرية فى مصر أكبر قوى فى الشرق الأوسط، ويغطى الإنتاج جميع الاتجاهات، منها أسلحة المشاة الخفيفة، والذخائر، دبابات والصواريخ الجوية. وبالنسبة لصناعة الأسلحة المرخصة فإن مصر تتعاون مع عدد من دول العالم فى مجال التصنيع العسكرى وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وإنجلترا والصين وجنوب، أفريقيا وفرنسا وبريطانيا وفنلندا وغيرها، لإنتاج دافع الدبابات ومدافع الهاو تزر، بالإضافة إلى تطوير وإنتاج قذائف الهاون المضادة للطائرات ومعدات الاتصالات وأنظمة مكافحة الحريق وإنتاج المعدات العسكرية والبصريات، حيث استطاعت تكوين خبرة غنية. ولدى مصر 16 مصنعا لصناعات العسكرية والمدنية المملوكة لدولة.
إذن هناك الجانب الاقتصادى الحيوى للمعرض وهو توطين الصناعات العسكرية التسليحية، فالمعرض يفتح مجال الاستثمار فى المجالات الأخرى التى تتبع المجالات الصناعية الدفاعية، وفرصة لعرض سبل التسويق وصفقاته فى البيع والشراء.
فى الدورة الحالية مصر تشارك بجناح كبير لوزارة الإنتاج الحربى والهيئة العربية للتصنيع، بعدد كبير من منتجاتها، حيث تضم أشكال متعددة من الذخائر والمعدات والأسلحة. ومنظومة الطائرة الهدفية والمسماة "الطائر المصرى الرشيق"، وهى طائرة هدفية متوسطة السرعة والمدى، وتعمل كطائرة هدفية لأسلحة ومعدات الدفاع الجوى الصاروخية، حيث يمكن اكتشافها وتتبعها راداريا، ويتم تصميمها وتصنيعها داخل مصانع العربية للتصنيع، وتم تزويدها بأحدث تكنولوجيات الملاحة، ووصلة البيانات التى تتيح الطيران الأمن والمستقر.
مصر قامت طوال الفترة الماضية بتطوير صناعاتها العسكرية، مع استهداف تحقيق المتطلبات المحلية فى المقام الأول، وذلك باستخدام القدرات التصنيعية المحلية المتاحة، ولتحقيق ذلك الهدف الاستراتيجى، وقعت مصر العديد من عقود التصنيع مع دول كالولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، كوريا الجنوبية والمملكة المتحدة، لتوطين الصناعات العسكرية محليا.
فهل يمكن لمصر أن تستحوذ على حصة فى سوق السلاح الدولى فى المنطقة؟
يمكن الإجابة على السؤال من خلال الأرقام والمعلومات التى أصدرها فى مارس الماضى مركز ستوكهولم لأبحاث السلام الدولى "سيبرى"، فالشرق الأوسط تصدر مناطق العالم الأكثر استيرادا للأسلحة خلال الفترة من عام 2016 وحتى 2020، مقارنة بالفترة من 2011 وحتى 2015 بفارق ارتفاع نسبته 2.5%، وذلك فى الوقت الذى اتسمت فيه حركة توريد الاسلحة على مستوى العالم بثبات نسبى خلال فترتى المقارنة.
ووفقا للتقرير، استحوذت بلدان الشرق الأوسط على نسبة 47% من صادرات الولايات المتحدة التسليحية التى حافظت على ريادتها كأكبر مصدر للسلاح ونظم الدفاع فى العالم خلال الأعوام الخمس الماضية. وكشف التقرير عن استمرار المنحنى الصعودى للبلدان الثلاثة الأكبر تصديرا للسلاح فى العالم، وهى الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا خلال الفترة من 2016 وحتى 2020، مقارنة بالفترة من 2011 وحتى 2015، فى مقابل تراجع فى صادرات سلاح كل من روسيا والصين خلال نفس فترتى المقارنة.
وقدر التقرير نصيب منطقة الشرق الأوسط من كميات السلاح المصدرة للحقبة 2014-2018 بنحو 35%، أى أكثر من ثلث واردات العالم، واحتلت المملكة العربية السعودية صدارة الدول المستوردة على مستوى العالم بزيادة بنسبة 192% عن الحقبة السابقة لها.
إذن يمكن لمصر أن تستحوذ على حصة لا بأس بها فى أسواق المنطقة خاصة للدول العربية وأفريقيا – 54 دولة بجيوشها- وسوق اتساعه 1.2 مليار نسمة.
سياسيا، هناك رؤساء الوفود من وزراء دفاع ورؤساء أركان وخبراء سلاح وشركات كبرى يتعرفون على قدرة مصر التسليحية وبالتالى السياسية ومكانتها فى المنطقة، فامتلاك السلاح وتصنيعه هو تحرير للقرار السياسى من أية ضغوط أو تنازلات على المستوى الدولى مثل الاكتفاء الذاتى من الطعام تماما. علاوة على ان المعرض وتنظيمه بهذا الشكل وبحجم المشاركة يؤكد الحالة الأمنية وحالة الاستقرار التى بلغتها مصر منذ تولى الرئيس السيسى مقاليد الأمور، إضافة الى عودتها لمكانتها الطبيعية ودورها السياسى والأمنى الفاعل، وعودتها الى خارطة التصنيع فى مجال السلاح. وكما قال اللواء سمير فرج، فإن مصر بدأت تعتمد على نفسها فى تصنيع السلاح والذخائر وأصبح لديها اليوم مصانع حديثة، ويحسب للرئيس عبد الفتاح السيسى أنه منذ تولية مسئولية البلاد فى 2014 عمل على تطوير المصانع الحربية التى لم تشهد أى تطوير منذ عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر ولذلك قام الرئيس السيسى بمنح اللواء العصار رتبة فريق تقديراً لمساهمته فى رفع كفاءة وتطوير المصانع الحربية.
المعرض هو شرف للعسكرية المصرية التى استطاعت أن تقيم وتنظم معرض بحجم إيديكس. وهو فخر لكل مصرى، حتى يطمأن اعلى دولته القوية فى مجال التصنيع العسكرى وما حققته وتحققه من تقنيات حديثة وقدرات دفاعية متطورة. والالتقاء بالخبرات الرائدة فى هذا المجال، والاستفادة من التطور الهائل الذى وصلت إليه القوة الدفاعية والعسكرية حول العالم. كما أن مجرد تنظيم مصر لهذا المعرض سيضيف لترتيبها عسكرياً طبقاً لموقع" جلوبال فاير" والمتوقع أن يكون هذا المعرض سبباً فى تقدم مصر فى التصنيف القادم .
هى دعوة للشباب لزيارة المعرض والشعور بالفخر والاعتزاز بمصرنا وسعيها الدؤوب نحو المستقبل على كافة المجالات. والاطمئنان والاستبشار بما هو قادم.