فى نظرة عامة لأحوال المجتمع بغضون أيام قليلة نجد هناك الكثير من المتناقضات التى اكتظت بها مصر ما بين القيمة والرداءة، الخسة والشهامة، الرحمة والقسوة .
{أما عن القيمة التى تتفوق عليها الرداءة}.
فليس هناك أبلغ من هذا المثال الحى بين المتناقضين الذى انتشر بشدة على صفحات الأخبار ووسائل التواصل المختلفة الخاص، بالتحدى السافر الذى أعلنه أحد ظواهر الرداءة التى أصابت المجتمع فى مقتل (الذوق والتذوق).
والذى تجسد فى مطربي المهرجانات و أحد كبار رجال الأعمال الذي نصب نفسه وكيلاً و نصيراً لهم، ومن على شاكلته وبين نقيب المهن الموسيقية المطرب الكبير هانى شاكر.
والذى ان كنت من محبيه أو غير ذلك فهذا لا يمنع أنه يسكن الجهة الأخرى من جهتى المجتمع والتى باتت شبه مهجورة، إذ أن جهة القيمة والكفاءة والموهبة قد خفت موازينها وثقلت موازين "الأى كلام" والأنصاف وأشباه الموهوبين فى كل المجالات وعلى كل المستويات.
وما زالت المعركة مستمرة بين المتناقضين، فهل يستطيع نقيب الموسيقيين أن يتغلب على مطربي المهرجانات كأحد أمثلة الوباء الذى اجتاح الذوق العام؟.
وإن تمكن من شطب شاكوش و بيكا و كزبرة وحنجرة وأمثالهم من النقابة فهل يتمكن من شطب من هو أشد قسوة وأكثر خطراً منه على المجتمع بأجياله الحالية؟.
على ما أعتقد أن القيمة والكفاءة دون سطوة بغض النظر عن مصدر وشكل هذه السطوة قد باتت معايير عفا عليها هذا الزمان.
و هل يتمكن من منع هؤلاء بمنصات اليوتيوب و التي لن تسمح بمنع مادة تتخطي نسب مشاهداتها حواجز الملايين ، مثل مهرجان "شيماء" للأستاذ سوستة والذي بلغت نسبة مشاهدات مهرجانه الميمون ٣،٥ مليون مشاهدة ، و لحق به كنوع من أنواع المنافسة زميله العالمي بمهرجان "أسماء"
و فين حين تلاحق مصر هؤلاء المفسدين للذوق العام، المشوهين لوعي جيل بأكمله، تفتح لهم الدول الشقيقة أبوابها و تقيم لهم الحفلات و تمنحهم الأوسمة والشهادات .
و بنهاية الحديث عن تلك المعركة بين المتناقضين، أود أن أوجه رسالة لنقيب المهن الموسيقية و التي تتلخص في :
"ضرورة طرح البدائل القيمة واحتضان المواهب التي تستحق والتي تكتظ بها دور الأوبرا المصرية والموسيقي العربية من أصوات رائعة، تلك التي لا تجد حتي شعاع نور يخرج بها من المحدودية للجماهيرية التي تستحق. "
فعلينا أن تطرح العملة الجيدة بمقابل العملة الرديئة، لنفسح المجال لتباين الأذواق و نمنح الأجيال التي أتعسها الحظ فرصة لتطهير أسماعها و أبصارها و أذواقها من هذا الحصار المحكم بكل ما هو ردئ.
فضلاً عن ضرورة عودة الحفلات الموسيقية و الغنائية بشكل دوري و مستمر كما كانت هناك حفلات ليالي التليفزيون و أضواء المدينة، لعودة المطربين الذين باتوا ينتظرون مهرجان الموسيقي العربية فقط من العام للعام .
و باتت المنصة الوحيدة للغناء و الموسيقي فقط قاعات و شوادر الأفراح و التي تتساوي في تفضيلها للريتم الراقص و الذي تلعب به دور البطولة أغاني المهرجانات.
و"عن القسوة وانقطاع صلات الرحم و الجحود".
"فتتجسد فى تلك القضية التى شغلت الرأى العام الخاصة بالفنان الكبير المشهود له من الجميع بالخلق والدين، و ما تم تداوله عن ابنته التي قابلت الإحسان بالإساءة و التفاني و الكرم بالجحود و النكران ،
، فالجرم هنا يقع على عاتق المجتمع بأسرة وما أصابه فى العقود القليلة الماضية من عوج وانهيار بالتربية والتعليم والأخلاق والذوق والدين والفن والثقافة.
مما أسفر عن أجيال جديدة لم تحظ بالحد الأدنى من أبجديات التربية والخلق والدين.
تلك التى كانت فى زمن ليس ببعيد موانع قوية راسخة تحول دون مثل هذه السلوكيات التى.. تطورت من السطحية والرداءة إلى العنف والبلطجة إلى القتل العمد دون رادع دينى أو أخلاقى.
والغريب أن هذه الصفات القاسية لم تكن يوما من خصال المصريين الذين كانت أشهر وأهم صفاتهم الشهامة والمروءة والإنسانية والرحمة والجود، وما بين طرفة عين وانتباهتها تبدلت أحوال الناس وتغيرت صفاتهم الأصيلة وتجرد معظمهم من أخلاقياته وقيمه وتقاليده التى لم تعد تتناسب ومفردات العصر الحديث المتجردة من كافة معانى الإنسانية
نهاية:
فلن يكون هناك خلاص للمجتمع إلا بتكاتف كافة مؤسساته الدينية والتعليمية والثقافية إلى جانب التربية بالبيوت لانتشاله من هذا المستنقع العميق الذى غاص به، واستعادة أخلاقياتنا وتقاليدنا وديننا الوسطى المعتدل وسماحتنا المعتادة وأذواقنا الرفيعة التى كان لها أكبر الأثر فى تربية وتهذيب أنفسنا والارتقاء بها
لعل الله يجعل لنا من بعد عسرٍ يسر