حادث وفاة الطالبة "بسنت" بمحافظة الغربية، نتيجة تعرضها للابتزاز الالكتروني وتركيب صورها على فتاة عارية، فتح ملف "الجرائم الالكترونية"، لا سيما الابتزاز الذي يتعرض له البعض.
الجريمة تتطور، مثل كل شيء يتطور حولنا، ويحاول المجرمون تطويع التكنولوجيا لصالح جرائمهم، حيث انتقل "مسرح الجريمة" من "أرض الواقع" لـ"العالم الافتراضي"، مستغلا هذا العالم الواسع لارتكاب جرائمهم، ظنًا منهم بأنهم في مأمن.
حادث "بسنت" ليس الأول، ولن يكون الأخير، ما يدق ناقوس الخطر، ويلقي بالمسئولية على عاتق الجميع، وعلى رأسها "الأسرة" التي يجب أن تستعيد دورها الأساسي، في تربية الأبناء، وعدم تركهم فريسة للانترنت، يبتزون هذا وينصبون على ذاك، تلك "الأسرة" التي غاب دورها، وحلت "الأسرة الافتراضية" بديلًا لها، حتى أصبحنا نتابع أبنائنا على "الجروبات"، ونتحدث لهم عبر "الشات"، ونمنحهم "لايكات" أكثر من حديثنا معهم.
حادث "بسنت" يجعلنا نعيد التكرار على أهمية مواجهة القائمون على جرائم الابتزاز، بقوة وصلابة، وعدم اللين معهم في القول، وسرعة الإبلاغ عن هذه الجرائم، حتى يتحقق الردع العام، لا سيما مع انتشار الأماكن التي تتلقى بلاغات الجرائم الالكترونية، فضلًا عن تخصيص الرقم "108" كخط ساخن لتلقي البلاغات وتحقيق أعلى معدلات الضبط فيها.
يجب على ضحايا "جرائم الابتزاز"، الاحتفاظ بالأدلة التي تثبت تورط المتهمين في ابتزازهم وعدم محوها، وإعلاء ثقافة "البلاغ" والحصول على الحقوق بالقانون، فلا تهنوا ولا تضعفوا في ملاحقة هؤلاء الخارجين عن القانون، حتى يكون ذلك بمثابة ردع لكل من تسول له نفسه انتهاك الحياة الخاصة للآخرين وابتزازهم.
"الابتزاز الإلكتروني" جرم يرتكبه الإنسان عن طريق التهديد والإكراه، وهو معصية ذات إثم كبير تصل إلى كونها كبيرة من الكبائر، حيث جاءت الشريعة بحفظ الضرورات الخمس: "الدين والنفس والعرض والعقل والمال"؛ فإن الابتزاز والمعاونة عليه هو محض اعتداء على هذه الضرورات، والله تعالى يقول: "ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"، وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لمسلم أن يروِّع مسلمًا"، وفي الابتزاز ترويع للغير فكان ظلمًا للنفس والغير، فالظلم جريمة حرَّمها المولى سبحانه على نفسه، فقال تعالى: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا"، فالشخص الذي يبتز غيره ومن يعاونه عليه ظالمان مرتكبان كبيرةً، ويجب على من وقع عليه الابتزاز أن يقاومه فلا يقع فريسة لمن يبتزه.