فى ظل الأزمات دائما ما تنشط فيروسات فتاكة تكون بمثابة تهديد حقيقى للمجتمعات واستقرارها، منها فيروس الاحتكار والاستغلال وترويج الشائعات، وهذا ما يستوجب منا جميعا الآن دق ناقوس الخطر والحذر كل الحذر في ظل ما يمر به العالم الآن من موجة تضخم عالمية جراء الحرب الروسية الأوكرانية وما يحدث في العالم من توترات سياسية واقتصادية تلقى بظلالها على كافة جوانب الحياة ومستويات المعيشة بما يصحبها من ارتفاع لأسعار السلع الأساسية والمستلزمات الحياتية.
والمؤسف أن هناك من ينتظر أى أزمة كما يحدث الآن مع أزمة روسيا وأوكرانيا ليصطاد فى الماء العكر، لتحقيق مكاسب مبالغ فيه أقل ما يقال عنها أنها حرام في حرام، لأنها تأتى بالنصب والنهب والسلب، وتعتمد على الاحتيال والفهلوة، خلاف أنها إثم كبير وخيانة للدين والوطن، بل أن هؤلاء الجشعين والمحتكرين وأهل الحرام هذا دائما ما يخلقون بيئة لتلائم تصرفاتهم الخبيثة، وذلك بإشاعة الأكاذيب والافتراءات حول الأزمة على غير الحقيقة بقصد نشر الفزع والفوضى، ليعثوا بتجارتهم في الأرض فسادا، ولا ينظرون إلا إلى جيوبهم وبطونهم، ولا ينتظرون إلا ثراءً فاحشا، ولا يهمهم إلا مصلحتهم الخاصة وتحقيق أهدافهم المسمومة حتى ولو كان هذا على حساب أنين الفقراء ووجع المحتاجين وضياع الأوطان، متناسين أن الشدائد تتطلب التراحم فيما بيننا والإيثار.
ومتناسين أيضا أن الأديان السماوية كلها حرمت هذه الأفعال المشينة كالاحتكار والاستغلال، ونبذت بث الأكاذيب والشائعات، فها هو الإسلام قد حرّم الاحتكار، حيث قال نبينا الكريم: "الْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ"، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام : "مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ (عز وجل) أَنْ يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
لذلك، نقول، إنه إذا كان الاستغلال والاحتكار ممنوعين في كل وقت، فالبعد عنهما في وقت الأزمات أولى وأشد، حماية لأنفسنا ولأوطاننا، وتقربا لربنا جل شأنه، وتراحما فيما بيننا..