كل عام ومصر وأهلها وناسها الطيبين المتعففين بخير وسلام و رضا من الرحمن، أعاده الله علينا جميعاً بكل الخير و البركة والسلام و الأمان.
وبما أننا على أبواب شهر الخيرات والرحمات ورقة القلوب والتسارع في التقرب إلى المولي عز و جل بكل ما نستطيع.
فكما قال المولى عز وجل:
{لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} البقرة (273)
هل تعلمون أعزائي من هؤلاء الذين تحدثت عنهم الآية الكريمة و الذين أوصانا بهم الله خيراً؟
هل فكر كل منا أن يبحث عن هؤلاء الذين تعلو وجوههم ابتسامة الرضا بما قسم الله لهم في الحياة الدنيا غير ناقمين إن قتر عليهم الرزق، تملأ صدورهم العفة ونفوسهم الكرامة والكبرياء لدرجة قد تبدو للآخرين غنى.
هؤلاء الذين يعلمون ويؤمنون بأن الغنى الحقيقي هو غنى النفس وليس المال الذي عادة ما يكون مآله إلى زوال.
وبمناسبة هذا الشهر الفضيل وتلك الأيام المباركة التي يهرول كل منا بها سعياً للتقرب إلى المولى عز و جل، فمن الواجب علينا أن نجهد أنفسنا قليلاً لنخرج صدقاتنا لمن هم بحق أحق.
إذ يندرج تحت هؤلاء الذين نحسبهم أغنياء من التعفف قائمة طويلة من أناس لا نعلم عنهم شئ ، فعلي سبيل المثال:
⁃"طائفة الموظفين"
⁃ الذين مازالت ضمائرهم حية، لا تمتد أبصارهم إلى ما يفعله غيرهم من نفس الطائفة كالرشوة وخلافه بحجة ضيق العيش وقلة المرتب أو أي مبرر آخر يحلل به الإنسان لنفسه ما حرم الله ليتخلص من ضميره و يحتفظ به في مكانٍ آمن.
⁃ هؤلاء الذين يعتمدون كلياً على رواتبهم الزهيدة التى حتى وإن زادت قيراطا رفع الجشعون أمامه الأسعار أربعٍة وعشرين!
"قطاع الطبقة المتوسطة كما يسمونه":
⁃ هؤلاء الذين كانت دخولهم ميسورة سواء كانت عن طريق وظائف مرموقة بالقطاع العام أو الخاص أو لديهم تجارة رابحة أو ميراث معقول يعيشون على أرباحه، ثم تبدلت أحوالهم بين ليلة وضحاها طبقاً لتقلبات الزمن التي لا تتوقف، وربما لسوء الأوضاع الاقتصادية بسنوات الثورة وما بعدها والتي نالت من الجميع على حدٍ سواء.
أخيراً: "المستشفيات الخيرية"
تلك التي تقوم بعلاج المرضي بالمجان والتي تعتمد بشكل أساسي على تبرعات أهل الخير
ولكننا:
جميعاً ومن باب الاستسهال وعدم إرهاق النفس بالبحث الجيد نقوم بإخراج صدقاتنا وتقديم مساعداتنا عادة بغير محلها و بطريقة تقليدية،
فكلما صادف أحدنا رواد الشوارع والإشارات ومتسولي المناطق المعينة، ومن يحترفون فن خداع الناس، أخرجنا لهم ما لا يستحقونه بل يستحقه من هو أحوج لكنه لا يسأل الناس إلحافا.
وغالباً ما يمتلك هؤلاء الذين يجوبون المدن من مشارقها إلى مغاربها الأطيان والعمارات والأموال الطائلة التي لا تمتلك أنت جزءا و لو بسيطا منها!
فهل آن الأوان لتدارك هذا الخطأ التراجيدي، و تحري مواضع الصدقات والبحث بحق عن مستحقيها والعمل علي مساعدتهم دون المساس بكرامتهم أو جرح مشاعرهم العفيفة الغنية و بطرق غير مباشرة أو مهينة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
{سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظلُّه: إمامٌ عدْلٌ، وشابٌّ نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلَّق في المساجد، ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه}.
عن حكيم بن حزام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
{اليد العليا خَير من اليد السفلى، وإبدأ بمن تعول ، وخير الصدقة عن ظهر غِنًى ، ومن يستعففْ يعِفه الله ، ومن يستغنِ يغنِه الله}.
كفانا الله وإياكم جميعاً شر العوز وتقلبات الزمن التي لا ترحم .
و كل عام ومصر و شعبها بخير وسلام و رخاء واكتفاء.